•• بمناسبة كأس العالم لكرة القدم للسيدات التى تجرى منافستها فى كندا، هناك حقائق غائبة عن البعض، ومنها أن هناك 30 مليون لاعبة مسجلة فى الفيفا، وان الإقبال على اللعبة فاق التوقعات فى أمريكا وكندا، ولأن تاريخ الكرة النسائية كان غائبا عنا لسنوات، فقد كنت أقول إن المرأة زاحمت الرجل فى كل شىء ماعدا أربعة أشياء، فهى لم تبدع ألحانا موسيقية كما فعل بيتهوفن، وتشايكوفسكى، وموتزارت، فلم نعرف سيدة ملحنة عبقرية فى التاريخ مثل هؤلاء الرجال. ولم نعرف امرأة برعت فى جراحات القلب مثل كريستيان برنارد أو مجدى يعقوب، ولم نعرف امرأة فيلسوفة، مثل ديكارت أو جان جاك روسو، أو سقراط، لكن زوجة سقراط جعلته فيلسوفا عظيما.. والشىء الرابع الذى كنت أظن ان المرأة عجزت فيه عن مزاحمة الرجل، هو أن تلعب كرة قدم، وتتفوق، ويكون لها جمهورها.. لكنها فعلت هذا الشىء وتفوقت فى دول على الرجل..
•• لكن التاريخ قدم لنا معلومات مهمة، فمن المفاجآت أن مصر عرفت كرة القدم للسيدات فى مطلع القرن العشرين، ممارستها اقتصرت على اللاعبات الأجنبيات وانتقدت الصحف وبعض الشخصيات ممارسة المرأة لكرة القدم التى اعتبرت لعبة للرجال. وفى جريدة المضمار نشر فى عدد ديسمبر 1921 ما يلى: «مما يذكر أن فرقة كرة القدم للسيدات (ديك كر) الإنجليزية جمعت فى السنة الماضية 48 ألف جنيه لإنفاقها فى الأعمال الخيرية. وهناك فرق أخرى اشتهرت ببراعتها فى كرة القدم وهى تناوئ فرقة ديك كر وتتنازعها السيادة وفى مقدمتها فرقة فليتود وهنالك أيضا فرقة لاينس وأعضاؤها من الفتيات اللواتى يخدمن فى شركة لايتس المشهورة ».
•• هذا عن مصر باريس الشرق فى مطلع القرن العشرين، إلا أن المرأة لعبت فى أوروبا كرة القدم منذ وقت طويل حيث أشارت بعض التقارير إلى أنها لعبت فى عام 1790. أما أول مباراة سجلت فقد كانت تحت إشراف الاتحاد الاسكتلندى لكرة القدم عام 1892 فى جلاسكو، اسكتلندا. وفى إنجلترا كانت أول مباراة نسائية موثقة فى عام 1895. لكنها قوبلت بالرفض من الاتحاد البريطانى . وبرر البعض هذا الرفض بحرص الاتحاد على «رجولة» هذه اللعبة الشعبية.
وقد أصبحت كرة القدم النسائية شعبية للمرة الأولى على نطاق واسع فى أثناء الحرب العالمية الأولى عندما ساهمت المصانع فى دعم اللعبة وكان أنجح الفرق فى ذلك الحين فريق سيدات ديك وكير من مدينة بريستون الإنجليزية. وأنشئ هذا الفريق من العاملات فى مصنع مملوك من قبل الاسكتلنديين ويليام ديك وجون كير بعد أن تغلبن على فريق الرجال العاملين فى المصنع ذاته.
•• يبقى أن أول بطولة أوروبية أقيمت عام 1984 وفازت بها السويد وأول كأس عالم للسيدات أقيمت فى الصين سنة 1991 وفازت بها الولايات المتحدة الأمريكية من بين 16 منتخبا وشهد النهائى جمهورا كبيرا بلغ عدده 90 ألف مشجع. فازت الولايات المتحدة فى ذلك النهائى بضربات الترجيح..
وأعتذر للمرأة التى لعبت كرة القدم وتفوقت فيها.. لكنها مازالت لم تبدع فى لحن، أو فى جراحة القلب، أو فى الفلسفة، وإن كانت صنعت العديد من الفلاسفة..