حماس والقاهرة.. سبحان مغير الأحوال - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأحد 18 مايو 2025 12:35 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

حماس والقاهرة.. سبحان مغير الأحوال

نشر فى : الثلاثاء 11 يوليه 2017 - 9:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 11 يوليه 2017 - 9:45 م
«ذهبنا إلى القاهرة فوجدنا حضنا دافئا» هذا ما قاله رئيس وفد حركة حماس الذى زار القاهرة قبل أيام.
هل كان أحدكم يتخيل سماع هذا الكلام؟!.
الإجابة هى لا، لأنه حتى شهور قليلة مضت كانت العلاقات بين الطرفين فى غاية السوء، وصلت إلى حد اتهام حماس بالتورط فى اغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات.
وقبل اسابيع زار اسماعيل هنية القاهرة رئيس المكتب السياسى الجديد للحركة، لمدة اسبوع وعاد ليقول ان صفحة جديدة بين الطرفين قد بدأت. وقبله بقليل زارها ايضا، يحيى السنوار قائدها العام فى القطاع.
ومساء الأربعاء قبل الماضى صدر بيان من وفد الحركة الذى زار القاهرة جاء فيه:
«تؤكد حماس احترامها وحرصها على الأمن القومى المصرى وتقديرها للدور التاريخى لمصر تجاه القضية الفلسطينية، الذى يعبر عن الأصالة العروبية والمروءة التى أبت إلا أن تقوم بواجبها تجاه شعبنا المحاصر المكلوم فى القطاع. لقد جرت جملة من المباحثات أسفرت عن نتائج سيكون لها أثرها فى تخفيف أعباء القطاع. وتم خلالها مناقشة موضوع المصالحة الوطنية الفلسطينية، إلا أن الواقع العملى فرض تشكيل اللجنة الإدارية لمتابعة الشئون المعيشية لمواطنى القطاع».
ما حدث أخيرا هو السياسة بعينها لأنها متغيرة طبقا للمصالح المختلفة، والعاقل هو من لا يغلق كل الباب ويدعه مواربا حتى يجد خط رجعة.
حماس قرأت المشهد الدولى والاقليمى بعناية منذ انتخاب دونالد ترامب فى يناير الماضى، وتأكدها من أن جماعتها الأم «الإخوان» وحركات الإسلام السياسى التى تاجرت بالدين طويلا تعيش الآن أصعب أيامها، وهو الأمر المرشح للاستمرار لفترة لا يمكن تخمينها.
فهمت حماس ان كل رعاتها فى الإقليم يواجهون أوقاتا عصيبة. قطر موضوعة تحت المراقبة، ومحيطها العربى قطع العلاقات معها، بل ويشترط عليها ضمن شروط كثيرة ــ طرد قادة حماس من الدوحة، وحتى عندما خرج بعض هؤلاء إلى بيروت تعرض لبنان إلى توبيخ غربى.
وإيران يتعرض لحملة قصف دبلوماسى وإعلامى من أمريكا والخليج. ونتيجة لذلك اضطرت حماس لتجرع «السم» وغيرت ميثاقها لتنفصل شكليا عن الإخوان، وتقر مكرهة بحدود ١٩٦٧ أى الضفة وغزة وليس دولة على كامل التراب الفلسطينى».
وقبل أيام قبلت حماس تشكيل ما يسمى بـ«اللجنة الإدارية» لإدارة القطاع بالاشتراك مع خصمها اللدود محمد دحلان الذى سبق ان اتهمته بكل التهم، لكنها السياسة التى فرضت عليها أن تمد يدها له، وتقبل ما كانت تعتبره من المحرمات.
التغير الأكبر كان عودة حماس للقاهرة، وخلال الشهور الأخيرة تكثفت زيارات قادتها إلى القاهرة من إسماعيل هنية إلى السنوار وروحى مشتهى وموسى ابو مرزوق، وبقية قادتها فى الداخل والخارج. وحصلت حماس على وعود بفتح معبر رفح بصورة شبه دائمة والتزود بالوقود لتشغيل محطات الكهرباء.
وفى المقابل تعهدت بالاستجابة لكل الشواغل والهموم المصرية وأهمها مراقبة الحدود المشتركة رقابة لصيقة، عبر إقامة منطقة عازلة بطول مائة متر لمنع تسلل الإرهابيين عبر ما تبقى من انفاق.
هذه الصيغة ليست استثنائية، فقد تم تطبيقها طول الفترة التى أعقبت انقلاب حماس على الشرعية الفلسطينية عام ٢٠٠٧، ورغم أن حسنى مبارك وأجهزة الأمن المصرية لم تكن تثق كثيرا فى وعود الحركة، لكن تم إقامة نموذج عملى ظل محافظا على رسوخه حتى تم خلع مبارك.
وحينما صعد الإخوان للحكم فى مصر وسمحوا بدخول قادة حماس لمقر رئاسة الجمهورية بدلا من الغرف المغلقة فى المقرات الأمنية، نسى قادة حماس أنهم حركة مقاومة فلسطينية، وتذكروا فقط أصولهم الإخوانية!!.
وهنا بدأ الصدام بينهم وبين غالبية الشعب المصرى، إضافة إلى سائر الأجهزة الأمنية، وانتهى الأمر بتوجيه اتهامات مباشرة لحركة حماسة بالتورط فى مساعدة الإخوان على ارتكاب اعمال عنف وارهاب، وهو الأمر الذى تنفيه الحركة دائما.
عموما انتهى كل ذلك وهدأت الخلافات مؤقتا، وبدأنا نسمع كلمات معسولة مثل «الأحضان الدافئة».. فهل يستمر ذلك طويلا أم يتبخر مع حرارة الشمس اللاهبة هذه الأيام؟!.
الاجابة تتحدد بناء على الافعال على الارض وليس الكلام، لكن وفى كل الأحوال فإن ما حدث درس لكل الذين راهنوا على أن السياسة ثابتة وهم لا يعلمون أنها الأكثر تغيرا!!.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي