هامش للديمقراطية.. بين ضمانات الحق والحرية وضرورات التقدم والتنمية (٢ــــ٢) - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هامش للديمقراطية.. بين ضمانات الحق والحرية وضرورات التقدم والتنمية (٢ــــ٢)

نشر فى : الجمعة 11 أكتوبر 2013 - 8:45 ص | آخر تحديث : الجمعة 11 أكتوبر 2013 - 8:45 ص

إذا كان إخفاق الديمقراطيات فى تحقيق التقدم والتنمية المستدامة والسلم الأهلى يرتب غياب قبولها الشعبى ويدفع بقطاعات واسعة من المواطنات والمواطنين إلى تأييد أنماط الحكم غير الديمقراطية والمساومة على ضمانات الحقوق والحريات، فإن الإشكالية الكبرى هنا هى أن الخبرة التاريخية والمعاصرة لأنماط الحكم غير الديمقراطية هذه تثبت عجزها الجماعى عن تحقيق التقدم والتنمية المستدامة والسلم الأهلى والاستقلال الوطنى على نحو مستقر وزجها بدولها ومجتمعاتها إلى آتون أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية لا تنتهى. تستفيق قطاعات المواطنات والمواطنين، وبعد اندفاعها لتأييد التخلى عن الديمقراطية أو استبعادها من قاموس المرغوب به جماعيا أو لتبنى موجات الفاشية، على خسارتها لكل شىء، للتقدم وللتنمية وللسلم الأهلى، ولحقوقها وحرياتها أيضا.

هكذا انتهت الفاشيات الأوروبية واللاتينية، وهكذا انتهت نخب الحكم العسكرية فى بعض الدول العربية والأفريقية. ولم يبتعد عن خبرة عجز أنماط الحكم غير الديمقراطية إلا الصين وروسيا الاتحادية، والأخيرة بدرجة أقل، وللحالتين خصوصية جلية ترتبط بالتاريخ والجغرافيا والمساحة والكثافة السكانية والموارد الطبيعية الهائلة.

ويعنى هذا، وأسجله اليوم فى الحالة المصرية باتجاه قطاعات المواطنات والمواطنين الواسعة التى فقدت الثقة فى الآليات والإجراءات الديمقراطية بعد الخبرة السلبية للسنوات الماضية وباتجاه الأصوات المروجة زيفا لأنماط الحكم غير الديمقراطية العسكرية أو الأمنية كسبيل خروج مصر من أزماتها الراهنة، إن الأمل الوحيد فى ضمانات لحقوقنا وحرياتنا وفى إنجاز التقدم والتنمية المستدامة والسلم الأهلى والدولة القوية العادلة ومحاربة الفساد يظل معقودا على استعادة القبول الشعبى لمسار بناء الديمقراطية وتمكين آلياتها وإجراءاتها من إحداث مفاعيلها فى الواقع دون انقطاعات.

ويعنى هذا، أيضا، ضرورة وجود نخب سياسية واقتصادية ومجتمعية قادرة على إدارة التحول الديمقراطى دون تجاهل لمركزية الوعد بالتقدم والتنمية والسلم الأهلي وجاهزة للربط بين الدفاع الصريح والسلمى عن الديمقراطية حين تتوالى الأزمات وبين تطوير استراتيجياتها وأدواتها للاستجابة لمطالب الناس المعيشية دون استعلاء. وغنى عن البيان أن فترة إدارة المجلس العسكري لشئون البلاد وفترة رئاسة الدكتور محمد مرسى أظهرتا عجزا جليا فى جميع هذه السياقات، وغنى عن البيان أن غياب نخب مصرية ملتزمة بالديمقراطية يمثل تحديا بالغا لفرص استعادة مسار تحول ديمقراطى جاد.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات