أعجوبة زمانه بالتهتك - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أعجوبة زمانه بالتهتك

نشر فى : السبت 11 نوفمبر 2017 - 9:40 م | آخر تحديث : السبت 11 نوفمبر 2017 - 9:40 م

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب «مشعل السديرى» وجاء فيه: عثر الرحالة السويسرى بوركهارت على تسع أو عشر كراسات لرجل مصرى يقال له: شرف الدين بن أسد، ونشرها عام 1830 تحت عنوان «الأمثال العربية».

وفى الواقع، يبدو أن شرف الدين قد ولد نحو 670 ومات 738 هجرية لأنه شهد الزلزال العظيم الذى ضرب الإسكندرية وهدم منارتها، وذلك عام 702 هجريا، وبعدها شاع المثل القائل: «وقعت منارة الإسكندرية قال الله يسلمنا من غبارها».

وجاءت ترجمة هذا الرجل فى كتاب «فوات الوفيات» ووصف بأنه شيخ ماجن متهتك ظريف خليع، يصحب الكتاب ويعاشر الندماء، فهو إذن من أدباء التحامق والفكاهة والمجون، وهو الذى قال عن نفسه: لو وقعت من السماء صفعة ما سقطت إلا على قفاى، ولو أننى تاجرت بالأكفان لما مات أحد.

وفى كتاب الأمثال التى أوردها بوركهارت عن ابن أسد هناك 999 مثلا، أغلبها موغل بفحشه، ومن أبسطها أنه قال عن الشخص الذى يلجأ إلى كل الطرق للحصول على المنفعة: « لو أن رزقه فى ذنب كلب أكله»، وعن الشخص كثير الكلام: «لو سكت فمه تكلم قفاه».

وعلى الرغم من فكاهته فإنه كان حزينا، وهو القائل: «لولا الدموع لاحترقت الضلوع»، ومع ذلك كان يكره المرجفين، فالواحد منهم «لا يقرأ إلا آية العذاب وكتاب الصواعق»، وهو يقصد كتاب «الصواعق» لابن حجر.

وكان الرجل فقيرا ومعسرا، ولا غرابة فى ذلك إذا علمنا أنه عاصر المجاعات الرهيبة التى مرت على مصر، كما عاصر غزوات التتار أعوام 678،686،689 هجريا. ومع ذلك فقد اتصل بالعلماء والكبار، ونال جوائزهم، وقد سجل له صلاح الصفدى، وكان من كبار المؤرخين، أنه قابله عدة مرات بالقاهرة، وجالسه على الخليج بشق الثعبان 728هـ. وهو القائل: «يا مشغول بهم الناس همك لمين خليته»، «يشتهى الحرب ويخاف من اللقا»، أو «صايعة مستورة، ولا حرة مبهرجة»، وبعد أن لاحظ كثرة الطلاق فى مجتمعه، وتفشت ظاهرة «المحلل»، حيث يلجأ المطلق الذى يريد أن يسترجع زوجته إلى أن يستأجر أحد المشردين القذرين بمبلغ تافه لقاء ليلة واحدة مع زوجته، أطلق عليه اسم «التيس المستعار»، وقال متهكما على المتسول الذى يقلد الكبار: «خاوى البطن ويمضغ لبان»، لأن كبار القوم يمضغون اللبان لتلطيف التنفس أو لتسهيل الهضم.

وسخط على الحكام المماليك بسبب جبروتهم وظلمهم، وقال عن الواحد منهم: «يبنى قصرا، ويهدم مصرا»
رحم الله ابن أسد، لقد كان أعجوبة زمانه بالتهتك ــ وهو مثلى الأعلى.

التعليقات