مشهد جسد الشهيد النقيب ضياء فتوح الضابط بالحماية المدنية وهو يتطاير بفعل انفجار العبوة الناسفة فى وجهه أمام قسم شرطة الطالبية ظهر الثلاثاء الماضى، يهز الحجر، ويزيد من كراهية المصريين الأسوياء ضد الإرهاب والإرهابيين وكل من يناصرهم أو يلتمس لهم الأعذار.
أحد أكبر الأخطاء التى يتورط فيها الإخوان وأنصارهم وغالبية معارضى الرئيس السيسى وحكومته انهم لا يدركون عواقب عدم إدانتهم الحقيقية والقاطعة للإرهاب بل وتعاطفهم الضمنى معه أحيانا.
هؤلاء وذرا للرماد فى العيون وتطبيقا لمبدأ التقية يلجأون إلى حيلة صارت بدائية وهى حشر جملة اعتراضية عابرة تدين الإرهاب فى سياق طويل من انتقاد الحكومة الراهنة.
قلة من هؤلاء هى التى استطاعت ان تعارض الحكومة والرئيس وهذا حقهم الكامل وأدانت الإرهاب بلغة قاطعة حازمة.
عندما تكون هذه الإدانة قاصرة فقط على هوامش الموضوع وليس فى صلب متنه أو عناوينه الرئيسية فهى عمليا تدعم الإرهاب والإرهابيين. لم تعد هنا فوارق حقيقية بين من يحمل قذيفة هاون أو آر بى جى فى رفح والشيخ زويد وبين من يزرع عبوة ناسفة فى الطالبية أو يطلق الرصاص على نقطة شرطة الأوقاف بالمهندسين أو يضع قنابل صوت فى وسائل المواصلات المختلفة.
كنت اعتقد واهما ان هناك فارقا كبيرا بين الإرهاب المسلح إقليميا ودوليا فى شمال سيناء، وبين إرهاب المبتدئين فى القاهرة وبعض المدن، ثم تبين أن الفارق كان فقط فى درجة الخبرة والتدريب والتسليح، ويتبين لنا يوما بعد يوم انه لا فرق حقيقيا بين إرهابى يطلق صاروخا على طائرة فى شمال سيناء أو يقتل جنودا عائدين من إجازتهم فى وسط سيناء أو بين من يلقى مولوتوف على منشآت جامعية أو يفجر محولا أو برجا للكهرباء.. جميعهم إرهابيون،الفرق فقط فى المستوى.
أى شخص يجيز للإرهابيين أفعالهم أو يبررها تحت أى ذريعة، فعليه فى المقابل ألا يلوم أجهزة الأمن إذا استخدمت القوة، لأنه فى هذه الحالة سيكون الفيصل هو من يملك القوة الأكبر.
لكن هل تدركون أين تقع المعضلة فى هذا الأمر؟!.
بعد ان فشل العديد من رهانات جماعة الإخوان لم يعد لديها من رهان سوى ان ينجح هؤلاء الإرهابيون الكبار والصغار فى هز النظام أو إسقاطه، باعتبار ان ذلك سيصب فى صالحهم فى النهاية.
هذا هو التفسير الفعلى لحالة الميوعة التى كانت تغلف كل تعبيرات وبيانات وتصريحات الإخوان وأنصارهم وهم يتحدثون عن العمليات الإرهابية الكبرى. أما العمليات الصغيرة المتضمنة المولوتوف ومهاجمة منشآت الدولة الحيوية، فقد صار معروفا أن مرتكبيها هم «المجهولون»، وهى الخلايا التى شكلها الإخوان، وتركوا أعضاءهم ينفذونها كل بطريقته الخاصة، وهى القصة التى انفردت «الشروق» بنشرها قبل أسابيع.
لا يدرك الإخوان وأنصارهم حتى هذه اللحظة أن المواطنين العاديين انحازوا إلى نظام حسنى مبارك القمعى والمعادى للحريات فى التسعينيات فى حربه ضد ارهاب الجماعة الإسلامية أو على الاقل صمتوا، فكيف سيكون موقفهم الآن، وهم يرون الإرهابيين على اختلاف فصائلهم وتوجهاتهم يمارسون الإرهاب بطريقة عشوائية تقتلهم فى أى وكل مكان وتقطع عليهم الطريق وتعطل اقتصادهم.
ما لا يدركه الإخوان ايضا ان أى شهيد سواء كان مدنيا أو عسكريا تابعا للجيش أو الشرطة يسقط على يد الإرهابيين أو أى عملية تخريبية يبعدهم لمسافات بعيدة عن أى حديث للمصالحة أو التهدئة.. فهل هذا ما يريدونه؟!.
وبالمناسبة لن يفرق كثيرا إذا كانت هذه العمليات الارهابية تتم بفعل إرهابيين من الخارج أو الداخل من انصار بيت المقدس أو «المجهولين من الإخوان»!!.