حديث بكين وواشنطن عن وضع حدود لتنافسهما.. سفسطة دبلوماسية - قضايا إستراتيجية - بوابة الشروق
الخميس 13 يونيو 2024 3:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حديث بكين وواشنطن عن وضع حدود لتنافسهما.. سفسطة دبلوماسية

نشر فى : الخميس 12 يناير 2023 - 8:25 م | آخر تحديث : الخميس 12 يناير 2023 - 8:25 م
نشر مركز The American Enterprise Institute مقالا للكاتب هال براندز، يقول فيه إن ما يأمل فيه الطرفان الصينى والأمريكى من إقامة حدود فى التنافس بينهما لتجنب المواجهة المباشرة هو مغالطة دبلوماسية واضحة. ففى الوقت الذى يتعاونان فيه لتخفيف التوترات ومعالجة بعض القضايا الدولية كالتغير المناخى، لا يتحرجان من تعزيز الجهود لتقوية مكانتهما دوليا كما أن القضايا الخلافية ما زالت قائمة، مما يجعل من المواجهة مسألة وقت.. نعرض من المقال ما يلى.
خلال الجزء الأكبر من عام 2022، بدت أمريكا والصين وكأنهما تتجهان نحو الصراع. مع بداية عام 2023، هناك جو جديد فى العلاقة؛ الاتصالات الدبلوماسية تزدهر، ويروج الطرفان الأمريكى والصينى للبحث عن «حواجز أو أسوار حماية» فى منافستهما، بمعنى وضع حدود للتنافس. كما أفصحا عن أنهما يريدان الاستقرار وليس المواجهة.
بلا شك هذا تغيير مرحب به، لكنه لن يدوم. إذ لا يتزحزح أى من الجانبين عن مصالحه الرئيسية. كما أن جميع الخلافات الرئيسية لا تزال قائمة. ناهينا عن أن السياسة الداخلية مهيأة أيضًا للعب دور مُفسد. باختصار، عودة حدة التوترات هى مسألة وقت.
• • •
بعد بداية كوفيد فى عام 2020، تدهورت العلاقة بين الولايات المتحدة والصين بشكل كبير، ووصلت الأزمة إلى الحضيض عقب رحلة رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسى بيلوسى إلى تايوان فى أغسطس 2022. لكن ما أوقف هذا الانزلاق، فى الوقت الحالى، هو مزيج من الثقة والقلق لدى الجانبين.
بحلول أواخر العام الماضى، تمكن الرئيس الأمريكى جو بايدن ونظيره الصينى شى جين بينج من التحول إلى الدبلوماسية من موقع قوة. بعبارة أوضح، قام بايدن بتأمين استثمارات جديدة فى أشباه الموصلات وغيرها من الصناعات عالية التقنية؛ كما عزز التحالفات والائتلافات فى آسيا وأوروبا التى تحتاجها واشنطن للسيطرة على الصين. فى المقابل، حصل شى على فترة ثالثة فى السلطة وأزال أى آثار معارضة متبقية، بينما أظهر، من خلال استعراض للقوة فى مضيق تايوان الصيف الماضى، أن الصين لديها القدرات الصلبة لدعم مطالبها.
فى الوقت نفسه، كان كلا الزعيمين بحاجة إلى الابتعاد عن جو العلاقات السيئة. حدث ذلك من خلال سعى إدارة بايدن إلى طمأنة الدول فى آسيا وخارجها بأنها لا تسعى إلى مواجهة تهز العالم مع الصين. من جانبه، سعى شى، بعد عداء الديمقراطيات المتقدمة فى جميع أنحاء العالم، إلى إعادة بعضها على الأقل إلى الحياد، إذ استضافت بكين بعض القادة الأجانب وعقدت محادثات معهم أمثال المستشار الألمانى أولاف شولتس. فى الواقع، لدى شى أسباب قوية للسعى إلى الحصول على راحة من المنافسة، فى ظل الحالة الرديئة للاقتصاد الصينى، وظروف الصحة العامة المحفوفة بالمخاطر الآن مع تفشى فيروس كوفيد.
ما ظهر أيضا هو علاقة ذات مسارين. المسار الأول هو الدبلوماسية المكثفة، والتى تتميز بالمشاركة المتجددة فى قضايا المناخ وغيرها من المشاكل العابرة للحدود الوطنية؛ اجتماعات استراتيجية مثل لقاء وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن ونظيره الصينى الجنرال وى فنغى؛ وأبرزها قمة شى وبايدن فى إندونيسيا فى نوفمبر الماضى. ويقول المسئولون الأمريكيون إن الرئيسين اتفقا فى ذلك الاجتماع من حيث المبدأ على الحفاظ على التنافس السلمى بين بلديهما والسعى إلى مجالات لتوسيع التعاون. كما اتفقا، فيما يتعلق بالنزاع فى أوكرانيا، على أنه «لا ينبغى أبدًا خوض حرب نووية». ثم حقق شهر ديسمبر انفراجة فى المفاوضات لتجنب إلغاء إدراج الشركات الصينية الكبرى فى أسواق الأسهم الأمريكية. وفى يوم رأس السنة، تحدث وزير الخارجية أنتونى بلينكين مع وزير الخارجية الصينى القادم، تشين جانج. إذن، طبقا لهذا المسار يبدو الأمر مشجعًا.
لكن المسار الدبلوماسى الثانى للعلاقة يتميز بمنافسة مستمرة، بل ومكثفة. إذ لم تتوقف الولايات المتحدة ولا الصين عن اعتبار الآخر خصمها الرئيسى. كما أنه لا يتباطأ أى منهما فى جهوده لتعزيز مكانته. فقبل أسابيع قليلة من قمة شى وبايدن، فرضت واشنطن عقوبات تهدف إلى عرقلة تقدم صناعة أشباه الموصلات فى الصين وإعادتها إلى العصر الحجرى التكنولوجى!.
من ناحيتها، وفى أواخر ديسمبر 2022، سمحت الصين بعبور 43 طائرة عسكرية الخط المركزى لمضيق تايوان، وهو أكبر اختراق حتى الآن. فى غضون ذلك، وافقت الولايات المتحدة على 10 مليارات دولار كمساعدة عسكرية جديدة لتايبيه. فى أوكرانيا، لا تزال واشنطن تشن حربًا بالوكالة ضد أقرب شريك استراتيجى للصين، روسيا. لا تنوى بكين التخلى عن تلك العلاقة. بعبارة مختصرة، سطح العلاقات الأمريكية الصينية هادئ للحظات، لكن هناك تيارات قوية ومحفوفة بالمخاطر تجرى بالأسفل.
• • •
بناء على كل ما سبق، الحديث عن «حواجز الحماية» فى التنافس بين واشنطن وبكين هو فى الغالب سفسطة دبلوماسية، مجرد مغالطات. لا يريد أى من الجانبين مواجهة عنيفة، لكن لا يريد أيضا أى من الطرفين التنازل عن القضايا الجوهرية. لذلك يأمل كل جانب بشكل أساسى أن تحد حواجز الحماية من سلوك الطرف الآخر دون الحد من سلوكه هو!.
ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلي

التعليقات