المقارنة المؤلمة - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المقارنة المؤلمة

نشر فى : الأربعاء 12 أغسطس 2015 - 7:40 ص | آخر تحديث : الأربعاء 12 أغسطس 2015 - 8:26 ص

كلما تقدم بى العمر، تلبستنى مشاعر الحسد والغيرة باتجاه البلدان المتقدمة وشعوبها التى يتيح لها التقدم كما تتيح لها الديمقراطية وسيادة القانون الحياة المستقرة وربما التمتع بقدر من الرخاء.

هى مشاعر حسد وغيرة حين النظر إلى حالهم ومقارنته بحالنا فى علاقة الحالين بعنصر الزمن مختزلا فى عمرى. عندما بدأت التعرف على العالم خارج مصر، كنت مأخوذا بجوانب تقدمه وحريته واحترامه لكرامة الإنسان. ثم تبدلت نظرتى من الانبهار والإعجاب إلى الاقتراب النقدى والتفكير فى الأبعاد السلبية لحياة المجتمعات الأوروبية والأمريكية الشمالية وفى الأبعاد الإيجابية لحياتنا نحن التى حضرت دوما على الرغم من الفقر وتدنى معدلات التنمية أو غيابها الكامل. ثم تراكمت خبرات الحياة وتعددت الأسفار وأماكن الإقامة وبعض المعارف المكتسبة من الناس ومن حب الفنون وبعض الأدبيات العلمية، وأدركت الارتباط العضوى بين اللحاق بقطار الغرب السريع أو بقطار الشرق الزاحف إلى الأمام أو بركب المجتمعات الجنوبية التى تجاوزت أزماتها خلال العقود القليلة الماضية وانفتحت على بناء التقدم وتحقيق التنمية وإرساء دعائم الديمقراطية وبين إزاحة السلطوية عن وجه مصر وإحلال الديمقراطية وسيادة القانون والعدل واحترام حقوق الناس وحرياتهم العامة والمدنية كما الاقتصادية والاجتماعية والثقافية محل حكم الفرد وخدمة السلطان وإماتة السياسة والنقاش العام. وكثيرا ما تراكمت الإحباطات بسبب تواصل ابتعادنا عن حلم التحول الديمقراطى والتنمية المستديمة.

بزغت طاقة للأمل وللحلم فى يناير 2011، وسرعان ما شرعت كغيرى من المهتمين بالشأن العام فى حساب الأشهر والأعوام التى سوف تحتاج إليها مصر للحاق بالقطار أو بالركب أو للركض بجوارهما. غير أن طاقة الأمل والحلم نزع عنها المعنى والمضمون، وعاد حكم الفرد والانسحاب من عملية التحول الديمقراطى والعصف بسيادة القانون ليسيطر على مصر ويعبث بعقولنا وحقوقنا ويفرض الهيستيريا بديلا للتقدم والتنمية والعدل. وعدت أنا للمقارنة، هذه المرة مع تقدم العمر بى دون حساب للأشهر والأعوام اللازمة للحاق بهم، بل ــ فقط ــ للشعور بالحسد والغيرة منهم ومن حالهم ومن حالنا الذى يبدو لى جاثما على مصائرنا بسلطويته وجهله وغياب تقدمه.

غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات