الصفقات الكبرى.. دخائل ما يجرى حولنا - عبد الله السناوي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الصفقات الكبرى.. دخائل ما يجرى حولنا

نشر فى : الأربعاء 12 أغسطس 2015 - 7:40 ص | آخر تحديث : الأربعاء 12 أغسطس 2015 - 7:40 ص

الشواهد تنبئ بصفقة كبرى محتملة فى الأزمة السورية والتداعيات تشمل صفقات أخرى مماثلة.

على صفحات «صنداى تايمز» البريطانية بدأت أول التسريبات عن لقاء مثير فى أطرافه وموضوعه ضم رئيس مكتب الأمن القومى السورى اللواء «على مبروك» إلى رجل السعودية القوى الأمير «محمد بن سلمان».
رغم التكتم الشديد على القصة المثيرة إلا أن أطرافا دولية وإقليمية عمدت إلى نقل بعض دخائلها إلى الإعلام.

السعوديون تباطؤا فى تأكيد رواية الصحيفة البريطانية الشهيرة والإيرانيون كشفوا عن معلومات إضافية نشرتها «الأخبار» اللبنانية المقربة من «حزب الله».
لكل طرف حساباته ومناوراته وهو يقترب من تسوية أكثر أزمات الإقليم مأساوية.

اللقاء بموضوعه تحول يقارب الانقلاب فى الموقف السعودى، وهو الأول من نوعه منذ دخول سوريا إلى حرب إقليمية بالوكالة أفضت إلى مصرع نحو (٢٥٠) ألفا من مواطنيها وتشريد نصف سكانها.

واللقاء بتوقيته يلحق الاتفاق النووى مع إيران وتهيؤ الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون لاختبار ما بعده من تفاهمات وترتيبات.
الفكرة روسية والطائرة التى حملت المسئول الاستخباراتى السورى من دمشق إلى الرياض روسية.

فى التفكير ذاته محاولة اقتراب جديدة من العقدة السورية المستحكمة فى لحظة سيولة سياسية وعسكرية لا مثيل لها، فموازين القوى تتأرجح دون قدرة أى طرف على الحسم الأخير.

لم تكن هناك مشكلة كبيرة أمام الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» فى إقناع الأمير الشاب أثناء زيارته لـ«سان بطرسبورج» بمقاربة جديدة للأزمة السورية.

فبلاده تعانى بقسوة من اتساع عمليات الإرهاب داخلها وتخشى على مستقبلها كدولة من التفكيك.

قبل شهور قليلة دعا وزير الخارجية المصرى «سامح شكرى» نظيره السعودى الراحل «سعود الفيصل» أثناء لقاء جمعهما فى باريس إلى زيارة موسكو بحثا عن مقاربة مختلفة للأزمة السورية.
أخفقت الزيارة فى التوصل إلى أية نتائج إيجابية.

هذه المرة الظروف تختلف بأثر الاتفاق النووى الإيرانى.

فى البحث عن نهج جديد أبدت السعودية مرونة غير متوقعة فى الاقتراب مما كانت تعتبره من المحرمات لكن دون التخلى عن دعوتها إلى إبعاد الرئيس السورى «بشار الأسد» عن أية تسوية سياسية محتملة.

الموقف نفسه يتبناه الرئيس التركى «رجب طيب أدروغان» الذى نقل عن نظيره الروسى «بوتين» عدم ممانعة الأخير فى التخلى عن «الأسد».
‫«‬الأسد» لا نظامه.

التسريب التركى من ضمن حرب الأعصاب فى اختبار المواقف والسياسات بالقرب من تسوية محتملة للعقدة السورية.

غير أنه لا يعول عليه كثيرا فانفعالاته الحادة انتقصت من قدره كرئيس لدولة إقليمية مركزية وأزماته الداخلية سحبت من رصيد أدواره الإقليمية.

اللاعب الروسى براجماتى إلى أبعد حد وفق مصالح بلاده واعتباراتها الاستراتيجية، يمد جسوره مع إيران والسعودية معا، يطرح مبادرات ويختبر أفكارا ويستضيف حوارات بحثا عن تمركز جديد فى الإقليم يملأ فراغ شيخوخة سياسية أمريكية دون صدام معها.

فى اختبارات الأفكار دعا «بوتين» إلى حلف سعودى إيرانى تركى للحرب مع «داعش» غير أن مقوماته تحتاج إلى «معجزة» على ما أخبره السوريون.

مصير «الأسد» فى أية تسوية متوقعة أقرب إلى اللمسة الحاسمة بالنظر إلى حسابات دولية وإقليمية معقدة.

أمريكا لا تريده وتركيا تلح على إبعاده والسعودية تضغط بأقصى ما تستطيع غير أن إيران لن تسمح بمثل هذا الاحتمال.

من المتوقع أن تخضع هذه النقطة الحاسمة لمقايضات سياسية تلبى سلم الأولويات الإيرانية والسعودية معا.

سوريا أولوية إيرانية بالقياس على أية أزمات أخرى فى الإقليم.

هذه مسألة حياة أو موت لأمنها القومى المباشر وطموحاتها الإقليمية.

واليمن أولوية سعودية بالقياس على أية أزمات أخرى أيا كانت حيث أمنها المباشر عند خاصرتها الجنوبية.

ورغم التقدم الميدانى الواضح للقوات التى تدعمها السعودية فى اليمن فإن مثل هذه الحروب لا تحسم بالسلاح وحده.

من غير المستبعد فى أى حساب أن تكون هناك مقايضات فى الغرف المغلقة.

التسوية السياسية للأزمة اليمنية قد تكون من حيثيات حل العقدة السورية.

ومن المرجح أن تمتد الصفقات السياسية الكبرى إلى الأوضاع الداخلية المتأزمة فى لبنان.

كل شىء قابل للحوار والتقايض وفق موازين القوى على الأرض لا فى التوهمات.

الأطراف الإقليمية كلها منهكة.

وأية تسوية محتملة هى تسوية المنهكين.

فى البحث عن مخرج طرحت إيران مبادرة أدخلت السعودية عليها تعديلات وسجلت تحفظات.

طلبت الرياض وقف أية مساعدات إيرانية للنظام السورى وانسحاب قوات «حزب الله» مقابل وقف دعمها للجماعات المسلحة المعارضة ومن بينها «جيش الفتح» الذى يضم تنظيمات تكفيرية كـ«جبهة النصرة».
يستحيل حسم الحرب مع «داعش» فى العراق بلا تسوية سياسية فى سوريا تحاصر التنظيم الأكثر تطرفا.
هذا تقدير تتفق عليه الأطراف الدولية النافذة.

غير أن المقترح السعودى يصعب أن تتقبله إيران إذ أنه يفضى إلى تقويض مشروعها الإقليمى حيث تطلب تثبيته فى ظل الاتفاق النووى.

فى كل السيناريوهات الواقعية لم يعد هناك وقت لإعادة اختبار صيغة «جنيف ١»، فقد أخفقت تماما فى تجاوز العقد المستحكمة رغم أنها الوحيدة المتوافق عليها دوليا!
المبعوث الأممى «ستيفان دى ميستورا» أول من خرج عن صيغة جنيف دون أن يعترض أحد بجدية.

المعنى أننا أمام قواعد مختلفة فى إدارة الأزمة السورية بعد اتفاقية فيينا.

بعده بدأ السباق فى اجتماعات ولقاءات لافتة فى سرعة إيقاع حركتها من الدوحة حيث جرى لقاء ثلاثى ضم وزراء خارجية الولايات المتحدة «جون كيرى» وروسيا «سيرجى لافروف» والسعودية «عادل الجبير» إلى مسقط حيث زارها وزير الخارجية السورى «وليد المعلم» وموسكو حيث مركز الاتصالات مع الأطراف المختلفة.

هناك أدوار وظيفية للدوحة ومسقط فالأولى حاضرة فى المشهد الجديد رغم ما ارتكبته من أخطاء فادحة والثانية باتت الغرفة الخلفية لاتصالات الإقليم وصفقاته، فقد كانت أول من استضاف بتكتم شديد حوارا أمريكيا إيرانيا بشأن البرنامج النووى.

فى الوقت نفسه هناك من يطلب أن يظل الدور المصرى فى حدود لا يتعداها.

فى التسريبات الإيرانية، على ما استمعت من شخصية سياسية لبنانية رفيعة، هناك تفاهمات مصرية روسية جرت قبل أسابيع تردد صداها إيجابا فى طهران.

دعوة الرئيس المصرى «عبدالفتاح السيسى» لزيارة موسكو قبل نهاية هذا الشهر تدخل فى التمهيد لصفقات إقليمية كبرى تبدأ من سوريا.

ورغم وضوح العناوين المصرية العريضة فى الاقتراب من الأزمة السورية إلا أنها دبلوماسيتها تعوزها روح المبادرة والدخول على خط الاتصالات والحديث مع إيران بلا تردد.
هناك اتصالات سعودية إيرانية بدأت تنتقل إلى العلن والقاهرة يقول مسئولوها إن الوقت لم يحن بعد وأنها لا تريد أن «تهرول».

إذا لم يكن هذا هو وقت بناء التصورات والأفكار والمبادرات والحديث المباشر مع الأطراف الإقليمية والدولية المختلفة، فما معنى أى حديث عن أى دور مصرى مؤثر فى معادلات المنطقة؟
هذا قصور فادح فى الخيال السياسى لا يصح فى لحظة تقرير مصائر الإقليم.