هل ذهبت القطارات وقروضها حيث لا تطلع الشمس؟ - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل ذهبت القطارات وقروضها حيث لا تطلع الشمس؟

نشر فى : السبت 12 أغسطس 2017 - 10:00 م | آخر تحديث : السبت 12 أغسطس 2017 - 10:00 م

ــ بدلا من السماح للناس باستغلال هذا الحادث كفرصة لـ..
ــ لإيه؟.. لدفع الحكومة لعمل شىء؟!! أنا عاوز أعرف الأبراج دى ما يتركبش فيها رشاشات سقف للحريق ليه؟ الرشاشات دى لازم تركب حالا.
ــ أكيد لازم ندخل أفضل أنظمة الوقاية من الحرائق. بس خلينى أقف هنا علشان أقول إنى متأثر جدا بسبب الحادث. كلنا متأثرين. لكن مش لازم الحزن والغضب ده يبقى فرصة علشان.. علشان..
ــ علشان إيه؟
ــ عشان.. عشان.. شوف.. من الحاجات اللى قلقانى..
ــ علشان إيه؟ إنت بيتهيألك إنى باعمل إيه؟
ــ شوف. من المهم إننا نتأكد إن الضحايا أولوية. أهم شىء..
ــ اسمع.. إنت ممكن تقعد تتكلم على طول بس فيه حاجات تانية عايز اسألك عليها. رجال الإطفاء عملوا مهمة عظيمة لكن اكتشفنا إن معندهمش وسائل توصلهم للأدوار العليا. الموضوع ده حرج وعاجل لإن عندنا أبراج كتيرة وممكن أى برج يولع زى ما حصل. هل هنوفر لهم إمكانيات مناسبة فى ضوء ما ظهر من عجزهم عن إنقاذ حياة سكان الأدوار العليا؟
ــ رجال الإطفاء هايخدوا كل اللى محتاجينه. لكن مهم إننا ندير الحوار ده فى حجمه. وزى ما قلت قبل كده مفيش داعى نخلى المشاعر تعطل التعامل بالعقل مع الموضوع.
ــ دى مشاعر غضب بسبب المساكين اللى فقدوا حياتهم.
ــ هو إنت فاكرنى مش حاسس بده؟!
ــ أكيد حاسس بس وضعك أحسن منى لإنك لحسن الحظ تقدر تعمل حاجة علشان تمنع الكوارث دى.
ــ أنا مسؤليتى إنى أتعامل مع الموضوع ده بهدوء..
ــ أقول لك حاجة؟! أنا رأيى إنك تحط الهدوء بتاعك ده فى الحتة اللى ما بتطلعش فيها شمس. (ده تعبير بريطانى وقح معناه: الهدوء ده تحطه فـ.. والا بلاش علشان ما تتحذفش).
ــ اسمع.. أنا لا أعتقد أن اللغة دى مناسبة للحديث فى..
ــ طز..
ــ لا تعتقد؟!!
ــ لأ..

*******
هذا جزء من حوار دار فى شهر يونيو الماضى على شاشة قناة تليفزيونية بريطانية بين المذيع بيرس مورجان والوزير مايكل جوف الذى كان فى السابق وزير دولة لشئون التعليم، ووزير دولة للعدل فى الحكومة البريطانية. لم يكن قد مضى عليه أكثر من أسبوع فى منصب جديد كوزير للبيئة وكان بحكم موقعه فى الحكومة أعلى من يمكن مساءلته عن حريق جرنفل تاور الذى مات فيه قبل اللقاء بأيام ما لا يقل عن ثمانين شخصا وأصيب فيه عشرات.
مشاهدة هذا الحوار فرض عين على كل صحفى أو مهتم بالإعلام (يمكن استعمال هذا الرابط bit.ly/morganshow) والعبر التى يمكن أخذها منه فى إطار حادث قطار الإسكندرية كثيرة.
منها مثلا أن المسئولين كثيرا ما يرفعون شعارات «لا داعى لتوظيف الحادث سياسيا»، أو «الضحايا أولا قبل تصفية الحسابات» للتهرب من الأسئلة الحرجة والحساسة.
منها أيضا أن التجاوز قد يحدث فى سياق المساءلة وأن المسئول قد يتوقف عنده وله الحق أن يحتج. ولكن لياقة الحديث تظل قضية فرعية لا ينبغى أن تعطل المساءلة والمواجهة وتحديد الأولويات.
أما أهمها فى رأيى فهو أن الصحافة سلطة مساءلة نيابة عن الشعب وعن جمهور قرائها ومشاهديها. والسؤال الرئيسى الذى يطرح عقب مثل هذه الحوادث هو: متى يتوقف العبث بأرواح الناس؟
السؤال ليس بلاغيا وكلمة «متى» تعنى متى. أى تحديد تاريخ الانتهاء من تنفيذ مجموعة إجراءات محددة وواضحة ومعلنة تضمن، فى حالتنا، توقف تكرار كوارث القطارات والطرق والبواخر وكل ما يتحرك على أرض مصر. هذا هو ما فعله بيرس مورجان عندما تساءل عن رشاشات الإطفاء، وعن معدات الوصول للطوابق العليا (ولاحقا عن مواد تبطين الجدران). وهذا هو ما ينبغى أن نطرحه عن أنظمة الأمان، وعمليات الإحلال والتجديد، وإشارات القطارات، وصيانة الطرق إضافة إلى أسئلة أخرى كثيرة عن حقيقة ما نشره موقع التحرير من إنفاق وزارة النقل لخمسين مليون جنيه من ميزانيتها كمرتبات وبدلات لمائة «لواء» فى حين أن مرتبات باقى العاملين لا تتجاوز ثمانية ملايين جنيه!
أو أن نعرف أين ذهبت قروض قيمتها مليارات الجنيهات حصلت عليها هيئة السكك الحديدية على مدى أعوام من البنك الدولى، ومن شركة جنرال إلكتريك، وغيرهما. وأن يخبرنا أحد عن مصير قرض قيمته ملياران من الجنيهات، قدمته كوريا الجنوبية لتطوير إشارات السكك الحديدية، وصدق عليه البرلمان فى نهاية العام الماضى.
هل لأحد أن يخبرنا بشفافية أين ذهبت هذه القروض وكيف أنفقت؟ أم أن مسئولا ما أخفاها حيث لا تطلع الشمس؟!

التعليقات