أوبريت.. مصر أم الدنيا - كمال رمزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 1:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أوبريت.. مصر أم الدنيا

نشر فى : السبت 12 أكتوبر 2013 - 8:55 ص | آخر تحديث : السبت 12 أكتوبر 2013 - 8:55 ص

جاء احتفال أكتوبر هذا العام بمذاق مختلف، فالمسافة، جد واسعة بينه وما حدث فى السنة الماضية، بطابعها القاتم الكئيب. وبعيدا عن المقارنات التى قد تبدو كما لو أنها تشفٍ فى نهاية لنظام مختل، لم يعمر طويلا، يمكن القول إن أوبريت «مصر أم الدنيا»، بمزاياه وعيوبه، يعتبر تتويجا مهما، بمناسبة العيد الأربعين لنصر أكتوبر، وربما يعده البعض الاحتفال رقم 39، بعد حذف احتفالية 2012، التى كرمت قتلة السادات.

الشاعر جمال بخيت، الوطنى حتى النخاع، صاحب الكلمات الأخاذة. المعبرة ببلاغة عن رؤية يمتزج فيها الفكر مع العاطفة، كتب الأوبريت بروح تستوعب التاريخ المصرى، متنقلا بمهارة، من الحاضر إلى أغوار الماضى، ناظرا إلى الواقع، متذكرا صراعات الأهالى، ضد الهكسوس، وبقية الغزاة.. وهو فى هذا يلجأ إلى عدة أشكال شعرية، منها الصوت الفردى، والأنشودة الجماعية، والموال، والتواشيح، والمدائح النبوية، فضلا على الحواريات.

الأوبريت، برغم جماله، مسرف الطول، يستغرق عدة ساعات، الأمر الذى أوقع المخرج المتمكن خالد جلال، فى مأزق، خاصة أن النص الذى بين يديه، أقرب إلى السرد، يكاد يخلو من الصراعات اللهم فى مشاهد محدودة، متناثرة.. وبالتالى لجأ المخرج فى عرضه إلى ثلاث وسائل: إسناد القصائد إلى أساتذة الإلقاء الجميل، وعلى رأسهم محمود ياسين، صاحب الصوت المتناغم، الذى يعبر بعمق عن أدق الأحاسيس، ثم تتوالى القصائد بأداء أحد النجوم، صلاح عبدالله، هانى رمزى، ويسرا.. لكن، لأن الأصوات تم تسجيلها من قبل، وتهادت عن طريق «البلاى باك»، فإن حركة النجوم، أحيانا لا تتطابق مع مخارج وقفلات الكلمات، مما أدى إلى شرخ فى متعة التلقى.

لسبب ما، لم يلتفت جمال بخيت إلى دور العرب فى حرب أكتوبر، ولا حتى لشركاء الدم والنار، سوريا الحبيبة التى كان يليق بالأوبريت أن يفرد لها مشهدا أو ذكرى تستحقها عن جدارة.. وفيما يبدو أن خالد جلال، انتبه، على نحو ما لهذا التقصير، فاستعاض عنه بالاعتماد على كبار المطربين العرب: حسين الجسمى، وائل جسار، نانسى عجرم ــ ليس من بينهم سورى! ــ وحتى هؤلاء، جاءت أغانيهم تيمنا وحبا لمصر، وهو أمر جيد، ولكن أين الجزائر، العراق، السودان، ليبيا، السعودية.. وغيرهما.

الوسيلة الثالثة التى لجأ لها مخرجنا فى عرضه الكبير، فتتمثل فى الاستعراضات، فبينما أخذت الأغنيات تصدح، بألحان الموهوب، وليد سعد، وأصوات مدحت صالح، وأنغام وإيهاب توفيق، وطابور طويل من أفضل مطربينا، اندلعت رقصات استعراضية خلفهم، وبجوارهم، وهى أضعف عناصر العرض، فإلى جانب افتقارها لأية ابتكارات فى التصميم، واعتمادها على التشريح باليدين، والتشليت بالقدمين، بدا عدم الانتظام فى الحركة واضحا، فبينما هذا يرفع يده بسلام عسكرى، ترى زميله فى حالة «محلك سر».

أيا كانت المآخذ الفنية أو الفكرية، فإن الأوبريت إجمالا، من الأعمال الموفقة. وإذا كان العرض لا يستكمل إلا بوجود جمهور، فإن جمهور هذا العام يزيد من قيمة «مصر أم الدنيا»، وبرغم أنى لست «ساداتيا» فقد وجدت فى حضور أرملته شيئا من الاعتذار عما لحق من غبن فى الاحتفال الماضى، ورأيت فى مصابى الحرب، نوعا نبيلا من الوفاء.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات