دبلوماسية «خد سوسو.. وخد نادية» فى نيويورك - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 10:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دبلوماسية «خد سوسو.. وخد نادية» فى نيويورك

نشر فى : الأربعاء 12 أكتوبر 2016 - 9:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 12 أكتوبر 2016 - 9:15 م
لم يكن تصويت مصر لصالح القرار والقرار المناقض له بشأن الأزمة السورية فى مجلس الأمن الدولى يوم الأحد الماضى إلا دليلا جديدا على فشل وانعدام كفاءة القائمين على شئون البلاد.

فبعد أن كانت مصر صاحبة مدرسة دبلوماسية معترف بها عالميا وبعد أن شاركنا فى وضع ميثاق الأمم المتحدة قبل نحو 70 عاما، أصبحنا نوافق فى الصباح على مشروع القرار الفرنسى الإسبانى بشأن الأزمة السورية وفى المساء نوافق على مشروع القرار الروسى المناقض تماما للمشروع الفرنسى الذى وافقنا عليه فى الصباح، فى مشهد ربما لم يشهد مجلس الأمن له مثيلا ولو حتى من «بلاد واق الواق».

وعندما يبلغ العبث والفشل مداه ونصوت لصالح قرار فرنسى أيدته 11 دولة ولم تعارضه إلا دولتان، ثم نصوت لصالح قرار روسى لم تؤيده سوى 3 دول وعارضته 9 دول وامتنعت عن التصويت عليه دولتان، فهذا يعنى أن نظام الحكم فى مصر يفتقد الرؤية اللازمة لتحديد خياراته تجاه أمرين تناقضهما بالغ الوضوح، ويعنى أن القائمين على أمر صناعة القرار السياسى والدبلوماسى فى البلاد يفتقدون الحد الأدنى من الكفاءة المهنية اللازمة لتحليل المواقف واتخاذ القرارات التى تحفظ لمصر هيبتها بين الدول.

ولو كانت مصر صوتت لصالح القرار الروسى وعارضت أو امتنعت عن التصويت على القرار الفرنسى لقلنا إن لنا رؤية تجاه الأزمة السورية، تتعارض مع رؤية دول أخرى شقيقة وصديقة وهذا حقنا الذى يجب ألا يكون محل منازعة، ولو أننا عارضنا القرار الروسى أو امتنعنا عن التصويت عليه، وأيدنا القرار الفرنسى لقلنا إن حسابات التوازن الدولى وموافقة 10 دول عليه ومعارضة دولتين فقط له، دفعت مصر إلى الانضمام للتوافق الدولى، أما، ما حدث فلا يقول إلا شيئا واحدا وهو أن غياب الرؤية وانعدام الكفاءة لدى المسئولين المصريين أصبح يمثل خطرا كبيرا على المستقبل، وأن من يفشل فى إدارة التصويت على مشروعى قرار فى مجلس الأمن، لن ينجح بالتأكيد فى إدارة التحديات الأصعب والأشد خطورة التى تواجهها مصر داخليا وخارجيا.

لقد كنا نتصور أن الراحل الرائع فؤاد المهندس وصل إلى قمة الكوميديا والعبث فى المفاضلة والاختيار بعبارته الشهيرة فى مسرحية «سك على بناتك» عندما قال «بلاها سوسو.. خد نادية» ليرد عليه المبدع أحمد راتب «بلاها سوسو.. بلاها نادية»، لكن يبدو أن عبثية نظامنا الرشيد فاقت كل تصور فاختار «خد سوسو.. وخد نادية».

لم تكن السقطة المدوية للدبلوماسية المصرية فى نيويورك سوى نتيجة حتمية لممارسات حكم يصر على ممارسة السلطة بأعلى قدر من الغطرسة فى مواجهة كل الأصوات المخلصة والوطنية التى دعت وتدعو إلى بلورة رؤية حاكمة للدولة الجديدة والتى حذرت من أن غياب الرؤية يؤدى حتما إلى الفشل.

أما محاولات «فرقة الطبل والزمر» الموالية للسلطة لتصوير الأمر على أن مصر اختارت استقلال قرارها فى مواجهة السعودية وانحازت إلى مصلحة الشعب السورى الشقيق بالتصويت لصالح القرار الروسى، فهى التهريج بعينه، لأن مصر صوتت أيضا لصالح القرار المدعوم من السعودية والمناقض تماما للقرار الروسى، مما ينسف هذه المزاعم التى تستهدف تغطية هذا الفشل الذريع.
التعليقات