من ألووو يا عمدة.. إلى الفور جى! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 8:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من ألووو يا عمدة.. إلى الفور جى!

نشر فى : الخميس 12 أكتوبر 2017 - 9:35 م | آخر تحديث : الخميس 12 أكتوبر 2017 - 9:35 م
كيف كانت حياتنا قبل اختراع الموبايل من دون الموبايل؟
الأجيال الجديدة التى تفتحت عيونها على الموبايل تتعامل معه باعتباره أمرا عاديا، ومهما وصفت لهم شكل الحياة التى عشناها، فلن يتخيلوها.
تذكرت هذه المقارنة، وأنا أحضر إطلاق وزير الاتصالات المهندس ياسر القاضى، خدمات الجيل الرابع «الفور جى» فى تكنولوجيا الاتصال مساء الخميس «٢٨ سبتمبر» أمام الأهرامات وأبوالهول.
الحاضرون من الوزراء والمسئولين وكبار العاملين بشركات الاتصالات، يملكون أحدث أنواع الأجهزة الإلكترونية، ولو سألت الشباب منهم هل يمكنك تخيل الحياة من دون الموبايل وتطبيقاته فربما ينظر إليك باعتبارك مجنونا.
الأمر ليس مقصورا على القاهرة أو المدن الكبرى بالمحافظات. أعرف شبابا صغيرا فى قريتى بالصعيد، لا يتحركون فى رحلاتهم الطويلة بالسيارة إلا باستخدام الـ«GPS». 
ولو أن أحدهم فكر فى هذا الأمر قبل سنوات لنظروا إليه باعتباره مهرطقا ومخرفا. 
حتى الصف السادس الابتدائى عام ١٩٧٥، لم يكن لدينا فى قريتنا، والقرى المجاورة كهرباء. وكنا نذاكر على «اللمبة الجاز». 
فى هذا الوقت لم يكن هناك تليفون أرضى فى القرية بأكملها إلا فى بيت العمدة. 
لم يكن التليفون من ضمن الضرورات اليومية، لغالبية أهل القرى إلا فى «الشديد القوى» وهو الأمر الذى جسدته العديد من أفلام الأبيض والأسود بالعبارة الشهيرة «ألوه يا عمدة»!!!.
فى منتصف الثمانينيات بدأت عملية إدخال التليفونات الأرضية، فى عشرين بيتا تقريبا. ويحكى أن سيدة فى قرية مجاورة دخل التليفون الأرضى منزلها، ردت على سؤال جارتها بقولها: «والنبى يا اختى ما عملنا عليه حاجة لحد لوقت»!!!.لأنها كانت تتصور أنه يشبه البوتاجاز مثلا!!.
تركت قريتى وذهبت لدراسة الإعلام بجامعة القاهرة، أواخر عام ١٩٨٢. سكنت فى المدينة الجامعية، ثم شقق مفروشة كثيرة. كان التقديم على تركيب خط تليفون يتطلب الانتظار سنوات. كنا نقف فى الشارع بالساعات، لنتواصل مع مصادرنا الصحفية، عبر خدمة «الميناتل» بالعملات المعدنية فئة الخمسة قروش. وعندما تعاقدت على خط تليفون فورى، بكلفة ٢٢٠٠ جنيه عام ١٩٩٣، كان ذلك تطورا دراميا، لى ولأصدقائى، حيث أتاح لنا التواصل الدائم بالمصادر. 
قرب منتصف التسعينيات كنت أعمل فى قسم الديسك بجريدة «العالم اليوم».وقتها اشترت إحدى الزميلات أول موبايل وسط معارفنا. وكان ذلك زلزالا عظيما، أن يتكلم الشخص عبر جهاز غير موجود فى المنزل أو المكتب أو السيارة.
عام ١٩٩٨ سافرت إلى دبى للعمل فى جريدة «البيان»، وهناك رأيت عالم الموبايل كما ينبغى له أن يكون عربيا. أول جهاز اشتريته كان «ألكاتيل» الفرنسى، وحينما عدت فى أول إجازة اشتريت عدة تليفونات هدايا للأهل والأصدقاء، وكان سعره قليلا مقارنة بمصر، حيث لم تكن هناك رسوم جمركية فى الإمارات.
تطورت الأجهزة وأشكالها وألوانها ووظائفها من النوكيا والإريكسون إلى الهواوى والسامسونج، وأخيرا وصلنا إلى مرحلة الآيفون بإصداراته المختلفة.
التليفون لم يعد مجرد عدة نتلقى عليها المكالمات، ونرسل عبرها بالرسائل. صارت هناك التطبيقات التى تجعلك تحادث من تشاء، صوتا وصورة، فى كل أرجاء الكرة الأرضية. فقط يكفى أن تكون مشتركا فى أى باقة ولو حتى كانت قيمتها نحو الدولار.
فى أجهزة التليفون الحديثة يمكنك أن تنجز العديد من المهام من أول قياس ضغط الدم والقلب، نهاية بضبط مستويات السكر فى الدم، طبقا لما أعلن عنه فى الولايات المتحدة قبل أسابيع قليلة.
صار المحمول لا يمكن الاستغناء عنه، تحجز به تذاكز القطار والطائرة، وتسير به عبر الطرقات بالسيارة ناهيك عن الوظائف التقليدية مثل التصوير الذى قضى على محال التصوير العادية.
ليس ذلك فقط بل عليكم أن تتخيلوا شكل الأفلام السينمائية قبل الموبايل وبعده. لو أن الموبايل كان موجودا لتم نسف غالبية سيناريوهات وقصص الأفلام التقليدية، التى تقوم مثلا على أن اثنين افترقا وتاها عن بعضهما البعض فى أى مكان.
احتفلنا بإطلاق خدمات الجيل الرابع، والعالم يتقدم بسرعة مذهلة فى هذه التكنولوجيا التى لا نعرف إلى أين ستأخذنا فى المستقبل.
نحن مدينون لأولئك الذين ساهموا فى تطوير هذه التكنولوجيا عالميا، وجعلونا نعيش فى مثل هذه الرفاهية التى لم نحلم بها يوما أو نتخيلها.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي