الخسارة المجانية فى تيران وصنافير - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 1:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخسارة المجانية فى تيران وصنافير

نشر فى : الأربعاء 13 أبريل 2016 - 9:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 13 أبريل 2016 - 9:25 م
على الحكومة المصرية بكامل اجهزتها ان تسأل نفسها سؤالا بسيطا وهو: كيف كانت صورتها قبل الإعلان عن موافقتها على اعطاء جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، وكيف صارت بعدها؟!!.

قبل بيان الحكومة مساء الجمعة الماضى الذى كشف عن ان اتفاقية تعيين الحدود بين البلدين قد حسمت امر الجزيرتين لصالح السعودية، كانت صورتها انها استقبلت العاهل السعودى الملك سلمان فى زيارة غير مسبوقة، اكدت ان كل ما يقال عن وجود خلافات بين البلدين ليس صحيحا، وتم توقيع عشرات الاتفاقيات مع المملكة، بقيمة تصل إلى ٢٥ مليار دولار وكان المفترض ان يتم البناء على هذا الأمر لتصحيح الأوضاع العربية المختلة بما يمنع الانهيارات المتوالية فى منطقتنا.

بعد الإعلان عن الاتفاقية انعكست الصورة تماما، نسى الجميع أو بالأحرى غالبية الناس امر الزيارة والاتفاقيات ومذكرات التفاهم، والجسر البرى الذى سيربط بين البلدين، وتوقفوا فقط عند اتفاقية الجزيرتين، ورأى فيها كثيرون انها تسىء إلى مصر وسمعتها وتاريخها، خصوصا بسبب الطريقة التى تم بها ادارة الموضوع.

قبل الاتفاقية كان الأمل ان تؤدى الزيارة إلى امكانية بدء خروج مصر من ازمتها الاقتصادية عبر المشروعات الاستثمارية السعودية المتوقعة، وبعد الاتفاقية فإن الانطباع الذى تكرس عند كثيرين ان موافقة مصر على نقل الجزيرتين للسعودية تم للحصول على منافع اقتصادية لاحقة، بل مارس البعض شططا غير مقبول للحديث عن بيع ارض وانتهاك عرض!!.

قبل الإعلان عن الاتفاقية قال المراقبون ان التقارب المصرى ــ السعودى بهذه الدرجة قد وجه لطمة شبه اخيرة إلى جماعة الإخوان وكل من راهن على خلافات رسمية مصرية ــ سعودية، وبعد الإعلان عن اتفاقية الترسيم البحرى تلقت جماعة الإخوان وانصارها اكبر جرعة اوكسجين منعشة للحصول على دعاية مجانية ضد الحكومة والرئيس، وبدلا من الحديث عن الانقسامات المتفاقمة بين اجنحة الإخوان المتزايدة، صارت الجماعة تتحدث عن «النظام الذى باع فى ارضه»، وللأسف فإن بعض البسطاء صدق هذا التخريف.

قبل الاتفاقية كانت العلاقات المصرية ــ السعودية فى افضل احوالها منذ سنوات، وبعد الاتفاق فإنها تأثرت إلى حد ما والسبب ان هذه المناقشات المستفيضة حول احقية كل طرف فى الجزيرتين سوف تترك ندوبا لدى المواطنين خصوصا ان التراشق الاعلامى يتزايد يوما بعد يوم، على مواقع التواصل الاجتماعى.

هل نلوم المعارضين على اللهجة واللغة التى استعملوها فى نقد الحكومة؟!.

بالطبع لا يجوز لأن هؤلاء فوجئوا بالأمر وانصدموا فجاءت تعبيراتهم اكثر قسوة، وهنا لا يمكن إلا ان نلوم الحكومة واجهزتها على هذه الإدارة الكارثية للملف.

والسؤال كيف فكرت الحكومة المصرية وهى تتصرف بهذا الشكل ؟!.

اغلب الظن انها عملت وتصرفت بنفس الطريقة القديمة جدا التى تعتقد ان المواطنين«قطيع من الحشود غير العاقلة» سوف يقبلون بأى شىء.

المأساة التى لا تدركها الحكومة ان غالبية المواطنين يتعاطون السياسة مثل تناولهم للشاى، وكلما تفاقمت ازماتهم الاقتصادية عارضوا حكومتهم فى أى قضية، فما بالك عندما ترتكب الحكومة مثل هذه الحماقات؟!!.
الخلاصة ان الحكومة خسرت خسارة فادحة، والأغرب ان كل ذلك تم بشكل مجانى كامل.

يا ايتها الحكومة، ويا ايها المدافعون عنها: إلى متى تستمرون اللعب بهذه الطريقة، والى متى تستمرون فى تسجيل الاهداف، فى مرماكم؟!!!.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي