الحمد لله أن الإرهابيين فشلوا فى تفجير أنفسهم داخل معبد الكرنك أو إيقاع ضحايا بين السائحين يوم الأربعاء الماضى، لكن هل سيصابون باليأس أو يتوقفون، ولا نشهد عمليات إجرامية كبرى فى المستقبل؟!.
نتمنى أن ييئسوا أو يتوقفوا، لكن عمليا هذا لن يحدث، وعلى الدولة والحكومة وجميع أجهزتها تهيئة نفسها وتهيئة الشعب لصراع طويل مع الإرهاب وكل دعاة العنف وأنصاره قد يستمر سنوات.
الجماعة الإسلامية منذ بداية التسعينيات عرفت أن السياحة إحدى نقاط الضعف التى تضغط بها على الحكومة وكذلك الكنائس، ولذلك تفننت فى مهاجمة السياحة والسائحين، وبلغت الذروة فى ١٧ نوفمبر ١٩٩٧ حينما ارتكبت هجومها الإرهابى الأكثر بشاعة وهاجمت سائحين أبرياء عزلا، كانوا يزورون معبد حتشبسوت بالدير البحرى بالأقصر وقتلت 57 سائحا غالبيتهم من سويسرا واليابان.
الجماعة الإسلامية «نسخة التسعينيات» تبدو حملا وديعا مقارنة بداعش وأنصار بيت المقدس الآن، وكما يسخر البعض، فقد مضى «زمن الإرهاب الوسطى الجميل»، ودخلنا فى طرق إرهاب غير مسبوقة مثل حرق الضحايا أحياء أو جعلهم يحفرون قبورهم بأيديهم.
المنطقى أن الإرهابيين يحاولون منذ 3 يوليو 2013 بشتى الطرق إنهاك المجتمع وتدميره، فإذا كانوا ينسفون ويفجرون أبراج الكهرباء ويقتلون الناس عشوائيا فى وسائل المواصلات، فهل سيتورعون عن قتل السائحين ليؤثروا على أحد الموارد الأساسية للنقد الأجنبى فى مصر؟!.
علينا ألا ننسى أن الإرهابيين استهدفوا أتوبيسا سياحيا كان يقف أمام معبر رفح قبل نحو عامين، وقتلوا يومها أربعة سائحين كوريين، والمؤكد أنهم حاولوا أن يكرروا ذلك فى أكثر من مكان خصوصا جنوب سيناء.
وإذا كنا ننتقد أجهزة الأمن كثيرا بسبب بعض سلوكياتها الكارثية فيما يتعلق بالقمع وحقوق الإنسان، فعلينا أن نحييها على دورها فى الحادث الأخير أمام معبد الكرنك وعلى مجمل جهدها فى منع وصول الإرهابيين إلى الأماكن السياحية المتوترة حتى الآن.
يصعب بل يستحيل أن يتمكن جهاز أمن واحد فى العالم مهما بلغت كفاءته أن يمنع كل الحوادث أو العمليات الإرهابية.
ورغم كل ذلك فالمفترض أن الرسالة التى وصلت إلى الدولة وجميع أجهزة الأمن هى أن الإرهابيين قرروا أن يستهدفوا الأماكن السياحية والأثرية، باعتبارها قد تؤثر على تدفق السائحين إلى مصر وبالتالى تجهز على ما بقى من الاقتصاد المصرى.
إذا ماذا ينبغى على الحكومة وأجهزة أمنها أن تفعل؟!.
لابد من فتح المجال السياسى العام لخلق أكبر مساحة توافق وطنى ممكن لمنع إيجاد حاضنة شعبية للإرهابيين ودعاة العنف والتطرف.
لابد أيضا من تشديد إجراءات الأمن على هذه الأماكن وزيادة وعى العاملين المدنيين وضباط وجنود الشرطة بالطرق والوسائل التى يمكن أن يلجأ إليها الإرهابيون..
يصعب أن يكون هناك شخص أو جهاز أو هيئة قادر على أن يعيش فى حالة طوارئ طوال اليوم أو الأسبوع أو الشهر أو العام، والإرهابيون يتسللون من بين لحظة استرخاء واحدة، وبالتالى فعلى الحكومة وأجهزتها أن تعيد النظر فى كل منظومتها الأمنية على أساس أننا نتعامل مع إرهابيين لا دين ولا أخلاق ولا قانون ولا قواعد لديهم، هم يكفرون الجميع بما فيهم بعض الفرق والجماعات الإسلامية المتشددة، ويريدون إسقاط الدولة وكل دول المنطقة بكل السبل لإقامة ما يعتقدون أنه دولة الخلافة الراشدة.
والأهم من كل ذلك يفترض أن يتم رفع وعى الناس العاديين بخطورة الإرهاب وكيفية المشاركة فى دحره، وفى هذا الصدد ينبغى توجيه التحية إلى سائق التاكسى الذى أبلغ أفراد الأمن بشكوكه فى الإرهابيين قبل تفجير أنفسهما.
نحتاج إلى وع فى كل مكان لأن المعركة طويلة.