الميدان - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 12:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الميدان

نشر فى : الأحد 15 يناير 2012 - 9:25 ص | آخر تحديث : الأحد 15 يناير 2012 - 9:25 ص

يجدر بنا ألا نتعجل ظهور الأعمال السينمائية، الروائية، التى تتعرض لثورة يناير 2011، وإلا سنجد أنفسنا أمام أعمال مصطنعة، موحدة، تحكى عن شباب مأزوم، أو رجال منكسرين، أو نساء مظلومات، ينخرطون فى آتون الثورة التى ينتهى بها هذا الفيلم وذاك، واضعا ختاما سعيدا، لا يخلو من بلاهة، كما لو أن الثورة عصى موسى السحرية، ذات القوة الحاسمة.. الإبداع المركب، مثل السينما والمسرح، يحتاج وقتا للتأمل، والتقييم، ومعرفة مسار الأمور، خاصة بالنسبة لثورة لا تزال فى منتصف الطريق، لم تنجح ولم تفشل، حققت إنجازا مبتورا، أمامها مشوار طويل كى تحقق أهدافها.. هذا الوضع ليس مقصورا على ثورة يناير 2011 فقط، ولكن حدث من قبل، فى الثورة الروسية 1917، والصينية التى استغرقت سنوات طويلة «1925 ــ 1949»، والكوبية 1959، حيث لم يبدأ ظهور أفلام تعبر عن روح الثورة إلا بعد فترة ليست قصيرة.

 

مثل معظم الثورات، بدت الأغانى، عندنا، هى الأسرع إبداعا، والأعمق تأثيرا، فالأغانى، فى جوهرها، تعبر عن العواطف، أو على الأقل، شحنة الأحاسيس فيها أكبر وأوضح من التحليلات والتأملات الفكرية، العقلية.. والملاحظ أن أغانينا، إجمالا، فى كلماتها، وألحانها، وأدائها، تعبر تماما عن وضعنا الثورى الملتبس، فهى لا تتحدث، بيقين، عن الانتصار، وبالتالى تخلو من صخب الآلات النحاسية وإيقاعات الطبول، تبتعد عن أصوات المجاميع الهادرة والكلمات الطنانة.. إنها، فى بعد من أبعادها، جماعية وفردية فى آن، أجملها، وربما أعمقها تأثيرا، تلك التى تتسم بالطابع الرومانسى، والرومانسية ليست نقيض الثورية، ولا تعنى الغرق فى الضعف، فهى قد بدأت ثورية، ولعل أغنية «يالميدان» التى مست شغاف القلوب أن تكون نموذجا من النماذج التى ستقود الأغانى إلى نوع رقيق، مدجج بروح الصلابة، فى الغناء المصرى.. «الميدان» هنا، يكتسب معنى نبيلا، ويتحول إلى مساحة نابضة بالحياة والأمل، ومنذ البداية، تأتى الأغنية بحرف «الياء» المنادى، المترعة بالأشواق، لتستكمل بعدها بتلك الكلمات التى صاغها، بعذوبة، أمير عيد، متسائلة بمحبة وترحيب «كنت فين من زمان».. ومع الاقتصاد فى الآلات الموسيقية، يبدو الصوت البشرى شديد الوضوح، وتتوالى الكلمات مع اللحن السلس الذى وضعته فرقة «كاريوكى»، لتعبر بصدق عن «حالة ثورية» وليس عن انتصار تحقق: مافيش رجوع، صوتنا مسموع، والحلم خلاص، مش ممنوع.. ثم يأتى صوت عايدة الأيوبى، الأقرب للدانتيلا، لتستكمل الأغنية، وحين ترصد الكاميرا وجهها، يدرك المرء أنها تعنى بروحها، فملامحها، بابتسامة الأمل المضيئة، يضفى المزيد من الأمل، والعزيمة، على كلمات الأغنية: هانصون بلادنا وولاد ولادنا، حق اللى راحوا من شبابنا.

 

مخرج الأغنية، محمد شاكر، عن طريق الصورة، منح الكلمات واللحن والأداء، المزيد من العواطف والمعانى، فالسترة المليئة بثقوب رصاصات، تبين بجلاء خسة الطغاة القتلة.. وفى النهاية، مع كلمات: الميدان بيقول للظالم دايما لأ.. يظهر الميدان بآلاف من الشباب المصرى، يوحى بالأمل والعزيمة على النصر.. إنها أغنية تعتبر من نتاج الثورة، بحق.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات