وزارة التربية و(التعتيم) - وائل قنديل - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 9:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وزارة التربية و(التعتيم)

نشر فى : الأربعاء 15 يوليه 2009 - 7:17 م | آخر تحديث : الأربعاء 15 يوليه 2009 - 7:17 م

 من أسوأ الأقوال المأثورة عن الحكومة المصرية بدءا من رئيس الوزراء وحتى وزير التربية والتعليم «ربط التعليم بسوق العمل»، وأزعم أن فى هذا القول إهانة بالغة لقيمة التعلم فى الحياة، بحيث يتحول معها التعليم من غاية نبيلة وهدف إنسانى جليل يتعلق بوجود الفرد ذاته، إلى مجرد وسيلة أو بلغة الشارع «سبوبة لأكل العيش».

وليس أقبح من أن يقال إن التعليم العالى لم يعد معيارا للتميز والصعود الاجتماعى والإنسانى، لأننا بذلك ننسف أرقى ما يجعل الإنسان إنسانا بحق، ونقتل أى فرصة لكى تفرز هذه الأمة علماء ومبدعين.

وإذا كان رئيس الوزراء ووزير تعليمه يفتيان بأن التعليم العالى ليس مقياسا للترقى الاجتماعى، فما هو المطلوب من أى شاب فى مراحل التعليم إذن لكى يصل إلى المكان الذى يحلم به فى المجتمع؟

هل نسوق شبابنا كالقطيع للعب فى البورصة مثلا أم نفتح لكل شاب محل موبايل؟

وإذا كانت هذه هى نظرة أكبر مسئول فى الحكومة للتعليم، فمن الطبيعى للغاية أن يصبح منتهى أحلام أى شاب أن يصبح رجل أعمال ــ أى أعمال والسلام ــ ومن لم يستطع فليس أمامه سوى الحلم بأن يصبح لاعب كرة، لكن من أين ومدارسنا بلا ملاعب والأندية ترفع شعار «للأثرياء فقط»، ومن لم يستطع فليبتلعه البحر فى رحلة هجرة غير شرعية.

وإذا ترسخ لدى الصغار أن التعليم العالى لا يعنى شيئا للحصول على مكانة لائقة فى المجتمع، فطبيعى أن تتحول المدارس إلى ساحات للبلطجة ومراعٍ لممارسة جميع أنواع رياضات الخروج على القانون والسخرية من أى قيمة أخلاقية أو اجتماعية، لينسحب معنى «العلم نور» وتسود قيم عصور العتمة.

وما دام ذلك كذلك فإننى لا أفهم سر هذا الاستغراب من أن قائمة أفضل 500 جامعة فى العالم تخلو من أى جامعة مصرية.. كما لا أستطيع أن أتفهم دهشة البعض من أن دولا خليجية باتت تحذر أبناءها من الالتحاق بالجامعات الخاصة فى مصر.

غير أن قائمة الأقوال المأثورة للحكومات المصرية المتعاقبة لم تخل من نظريات أخرى عبثية وتهريجية منها مثلا ما صيغ على النحو التالى «السياحة قاطرة التنمية»، وهو شعار مرفوع منذ أكثر من عقدين، ورغم ذلك لا التنمية جاءت، ولا السياحة بقيت على حالها.. وكانت النتيجة الوحيدة أننا أهملنا، وبالأحرى أهدرنا عناصر التنمية الحقيقية، وتحولنا إلى أمة بلا تعليم محترم، ولا زراعة رغم أننا عرفنا منذ فجر التاريخ بأننا بلد زراعى، أما الصناعة فكما ترى سعادتك، صرنا نستورد فوانيس رمضان وسجادة الصلاة من الصين.

واقع الحال أننا نطلق شعارات ونتركها تسبح فى الفضاء دون أن نكون جادين فى محاولة فهم مضمونها أو العمل بجد على تحقيقها، فعندما رفعنا يافطة «السياحة قاطرة التنمية» جاء أداؤنا السياحى على نحو فقير وبائس جعل بلادا أخرى لا تتمتع بنصف إمكاناتنا الطبيعية تحقق أضعاف ما جنيناه.

وائل قنديل كاتب صحفي