أسامة أنور عكاشة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 12:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أسامة أنور عكاشة

نشر فى : السبت 15 سبتمبر 2012 - 8:25 ص | آخر تحديث : السبت 15 سبتمبر 2012 - 8:25 ص

هذا الكتاب مكتوب بمداد المحبة. مؤلفته: حسنات الحكيم، من تلامذة الأستاذ، يمتزج حضوره العميق، عندها، ما بين المعلم والأب، فالواضح أنه أغدق عليها فيضا من محبته ورعايته، لذا فإن كتابها، إلى جانب وفرة المعلومات، تأتى الكثير من صفحاته، مبللة بالدموع.

 

تتابع الكاتبة، فى الفصل الأول، أهم الوقائع فى حياة أستاذها، منذ ميلاده بمدينة طنطا 1941، حتى رحيله بالإسكندرية 2010، مرورا بتجربة انتقاله للقاهرة والتحاقه بالجامعة، وإقامته مع زملائه فى روض الفرج وشبرا والحلمية، ثم عمله فى أسيوط، والقاهرة، وذهابه للكويت، لفترة محدودة، يعود بعدها لمصر. طوال هذه الرحلة، دأب على الانغماس فى الأدب، قارئا ومبدعا، إلى أن تفرغ تماما للكتابة. وربما كانت تجربة مرض والدته، فى طفولته، وذهابها إلى أهلها، وزواج والده من أخرى، قبل وفاتها، من التجارب المرة فى حياة أسامة.. وبينما وفقت الكاتبة فى الإشارة إلى شغف الأستاذ بأسرته، وأولاده وأحفاده، كرد فعل لما لاقاه صغيرا، لم تنتبه ــ حسنات ــ إلى أثر تلك الواقعة القاسية فى مؤلفاته، حيث تتجلى فى شفقته وحنوه على أبطال تعرضوا لما يشبه هذه الحالة، مثل «على» و«زهرة»، فى «ليالى الحلمية»، فكل منهما، عاش حياة ضنينة، بسبب غياب الأم. الأول، تزوج والده، سليم البدرى، أثناء مرض زوجته، والثانية أبعدت قسرا عن والدتها اللاهية، الأنانية، نازك السلحدار.

 

يرصد الكتاب جميع أعمال أسامة، نتبين منها مدى تنوع وغزارة إنتاجه: مجموعات قصصية، روايات، مسرحيات، مقالات سياسية واجتماعية، تمثيليات إذاعية، سيناريو أفلام، سهرات ومسلسلات تليفزيونية.. هذه القائمة الشاملة مهمة فى حد ذاتها، لكن تفتقر إلى التحليل والتقييم، وأحسب أنه كان من الأجدى، أن تلمس مصادر أسامة فمسلسل «أبواب المدينة» الذى يتابع المتغيرات التى حدث لأبناء الريف حين مجيئهم للعاصمة، تجد به أصداء من تجربته بعد قدومه للقاهرة. وإذا كانت رواية «دون كيشوت» للإسبانى سرفانتس من مصادر «أبوالعلا البشرى»، فإنه من الصعب تجاهل تجربة الكاتب فى الكويت، ثم عودته حيث تلمس العديد من التغيرات، مثلما يحدث مع «البشرى».. وثمة استيعاب أسامة الواعى للتاريخ، بوقائعه التى تؤثر بالضرورة، على العاديين من الناس، وهذا ما يعطى لإبداعاته عمقا وشمولا لا يتوافر عند الكثير من المؤلفين: بعبارة أخرى: أعمال أسامة أنور عكاشة، خاصة مسلسلاته، ليست حكايات مغلقة على نفسها، ولكن تتجاوز حدودها إلى ما هو أبعد، فالخاص عنده يرتبط بالعام، وأبطاله، برغم تفردهم، تجد لهم أشباها فيمن يعيشون بيننا، فكلهم، نتاج واقع واحد، يتفهمه أسامة تماما، ويدرك تأثيره، ليس على البشر وحسب، بل على المكان أيضا، فالتغيرات التى تطرأ على مقهى الحلمية تعبر، على ايحائى، عن تغيرات تاريخية، اقتصادية واجتماعية وسياسية، تحدث فى الوطن كله. هنا، فى تقديرى، إحدى مرتكزات إبداع الكاتب الكبير.

 

حسنات الحكيم، تثبت «25» شهادة، ممن اقتربوا أو عملوا مع أسامة أنور عكاشة، وهى شهادات عاطفية شأنها فى هذا شأن الكتاب الأرشيفى المهم، الذى يعتبر مسودة أولى، لكتاب ثمين، لم يكتب بعد.

 

 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات