الشراكات الدولية فى مجال التعليم العالى: فرص وسط حقل ألغام أخلاقى - قضايا تعليمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الشراكات الدولية فى مجال التعليم العالى: فرص وسط حقل ألغام أخلاقى

نشر فى : الخميس 15 سبتمبر 2016 - 9:30 م | آخر تحديث : الخميس 15 سبتمبر 2016 - 9:30 م
نشرت مجلة الفنار للإعلام مقالا لـ«بورتون بولج» يتحدث فيه عن الشراكات والتعاونيات التى تتم بين الدول فى مجال التعليم العالى، ويتطرق للمعوقات والمخاطر التى يمكن أن تسببها كما يتطرق لإيجابياتها، ويشير فى ذلك لعدد من الآراء المختلفة لأكاديميين مختلفين. فيقول إن فى عام 2013، افتتحت جامعة ييل معهدا للفنون الحرة فى سنغافورة فى شراكة مع جامعة سنغافورة الوطنية. وقد رأت جامعة ييل فى الحرم الجامعى الجديد، الذى أطلقت عليه اسم كلية ييل ــ جامعة سنغافورة الوطنية YaleــNUS، وسيلة لتعزيز التفكير المستقل فى آسيا، فيما تواصل بسط نفوذها.

لكن ومنذ اللحظة التى تم فيها الإعلان عن المشروع وجامعة ييل تتعرض لانتقادات لاذعة لقبولها القيود المفروضة على حرية تعبير الطلاب. فبسبب إصرار حكومة سنغافورة الاستبدادية، أعلنت جامعة ييل بأنه لن يُسمح للطلاب بإجراء الاحتجاجات السياسية فى الحرم الجامعى، ولن يسمح لهم بتشكيل فروع طلابية للأحزاب السياسية.

واتهمت هيومن رايتس ووتش، وهى منظمة غير حكومية مقرها نيويورك، جامعة ييل «بخيانة روح الجامعة كمركز للنقاش المفتوح والاحتجاج من خلال التخلى عن حقوق طلابها فى الحرم الجامعى الجديد الخاص بها فى سنغافورة». وتكشف هذه الحادثة قضية عالمية شائكة تتعلق بحماية القيم الأكاديمية فى الشراكات الجامعية الدولية.

ويتساءل بولج هل كان العديد من طلاب جامعة ييل وأعضاء هيئة التدريس الذين احتجوا على القيود المفروضة فى حرم جامعة سنغافورة يدافعون عن القيم الأكاديمية العالمية؟ أم إنهم كانوا وبشكل متغطرس يسعون لفرض المعايير الغربية على البلاد حيث يعتقد القادة بأنهم قد حققوا استقرارا شعبيا وازدهارا من خلال الإبقاء على قيود صارمة نسبيا على الحريات الفردية؟ تحدث مثل هذه التوترات فى العالم العربى فى كثير من الأحيان أيضا، حيث تحاول الحكومات بشكل عام فرض سيطرة محكمة على النقاشات السياسية وحيث تعمل بعض الجامعات الغربية بحرص على إقامة فروع جامعية أو ارتباطات أكاديمية أخرى.

بالنسبة للكثير من العلماء، يعتبر حق التعبير عن الأفكار وإجراء البحوث بحرية ومن دون تدخل من صميم القيم الأكاديمية. وغالبا ما يتطلب التمسك بهذه القيم فى الشراكات الأجنبية استجابات مدروسة ومرنة، بحسب كينيث بريويت، أستاذ العلاقات العامة بجامعة كولومبيا. ففى الفترة بين عامى 2007 و2012، وبشغله لمنصب نائب الرئيس للمراكز العالمية، ساعد بريويت فى تأسيس المراكز الثمانية لجامعة كولومبيا حول العالم. تعمل هذه المراكز على تعزيز تعاون الجامعة فى البلدان التى يتواجدون فيها. فى مؤتمر لشبكة علماء فى خطر، والذى عقد فى يونيو فى مونتريال، تحدث بريويت عن التوازن بين الدفاع عن المبادئ الأكاديمية الأساسية والانخراط فى العالم الحقيقى.

النموذج التركى

تقع أحد المراكز العالمية لجامعة كولومبيا فى إسطنبول بتركيا. فحتى قبل الحملة الحالية التى أعقبت الانقلاب العسكرى الفاشل فى يوليو، كانت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان منخرطة فى حملات فصل، وتحقيقات جنائية، وملاحقات قضائية لمئات من الأكاديميين الذين وقعوا على عريضة تدعو لوضع حد لهجمات الجيش على المناطق المدنية الكردية.

أخبر بريويت المجتمعين قائلا «لن نتوقف عن العمل فى تركيا». وأضاف «لكننا سنحاول أن نتعاون مع الجامعات التى تدافع عن الحرية الأكاديمية والتوقف عن العمل مع تلك التى تعمل مع الحكومة» فى معاقبة الأكاديميين المنشقين.

نمت الشراكات العابرة للحدود بسرعة فى العقود القليلة الماضية، لكن المبادئ الأخلاقية نادرة. يقول بريويت إن جامعة كولومبيا ستعمل قريبا على إنشاء لجنة من أعضاء هيئة التدريس لتطوير السياسات والإشراف على التعاون الأجنبى فى الجامعة.

ويعرض بولج رأى «سيجبولت نوردا»، الرئيس السابق لجامعة أمستردام، الذى يقول فيه إن «القيم التى تبدو سهلة يمكن أن يكون التعامل معها ساخنا للغاية إذا لم نقم بمناقشتها مسبقا». وتشمل هذه القيم حق الكلام إذا ما بدا وكأن شريكا ما يمارس التمييز ضد أفراد جماعات عرقية أو دينية. كما ينبغى على الشركاء أيضا ضمان حق التساؤل أو انتقاد تعاون أحد الشركاء مع قطاع الصناعة.

وبينما تساور الشركاء الغربيين مخاوف بشأن التمسك بالحرية الأكاديمية، فإن الشركاء من البلدان النامية غالبا ما يشعرون بالقلق – لاسيما فيما يتعلق بهيمنة الشريك الغربى عليهم. وقد يكون هذا صحيحا بشكل خاص عندما يكون أحد الشركاء أضعف من الناحيتين الأكاديمية والمالية. وقد قال المتحدثون فى المؤتمر إن هذا يؤكد حاجة الجامعات لنهج شراكات يعاملهم باحترام وعلى قدم المساواة.

دروس مفيدة للجامعات العربية

ينتقل الكاتب بعد ذلك لينقل بعض النصائح للجامعات العربية، فيقول إن هناك شراكات دولية فى دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأمريكا الجنوبية يمكن الاستفادة منها فيما يخص الحصول على شركاء دوليين.

تعاونت جامعة ريو جراندى دو سول الاتحادية لسنوات مع مؤسسات التعليم العالى فى الولايات المتحدة الأمريكية وأماكن أخرى فى برامج باللغة الإنجليزية. لكن سيمون سارمنتو من تلك الجامعة، والتى تعمل أيضا مسئولة فى الرابطة البرازيلية للتعليم الدولى، أخبرت الحضور فى المؤتمر بأن العلاقة عادة ما تسير فى طريق أحادى الاتجاه؛ حيث تشعر فى معظم الأحيان بأنهم يتواصلون ليس كشركاء وإنما كأسواق.

فى حين قال جيمس أوتينو جوى، من جامعة موى بكينيا، إن الشراكة مع الجامعات فى الدول المتقدمة جلبت منافع حقيقية فى مجال تدريب أعضاء هيئة التدريس وتعزيز الحكم الرشيد والمساءلة. لكنها فى الوقت نفسه، تجلب بعض المخاطر. فبإمكانهم فرض مناهج مدفوعة من الخارج لا تتماشى مع الاحتياجات المحلية، وربما يكون الأمر أكثر سوءا، حيث يمكن للمؤسسات الغربية، وبأحسن النوايا، تقويض المؤسسات الأفريقية بدعوة زملائهم الأفارقة بهدف الحصول على تدريب متقدم. وفى الغالب، لا يعود الباحثون الأفارقة من الشباب الواعد إلى ديارهم، مفضلين البقاء فى الغرب عوضا عن ذلك سعيا وراء فرص أكاديمية أفضل هناك. لكن جوى يعتقد بأن الأمور وعلى مدى العقد الماضى فى تحسن. كما انتقلت المؤسسات الأفريقية لرصد متأنٍ لمعرفة إذا ما كانت ستتم تلبية احتياجاتهم الخاصة أم لا. وأخيرا، أضاف بأن التعاون بين البلدان فى الجنوب آخذ فى الازدياد. حيث إن الجامعات الأفريقية تبذل شراكات مع مؤسسات أخرى فى القارة، وكذلك الحال فى البرازيل وغيرها.

ويختتم بولج بأن الصين أعلنت أخيرا عن زيادة كبيرة فى التعاون التعليمى مع أفريقيا، بما فى ذلك الآلاف من المنح الدراسية للدراسة فى الجامعات الصينية، حيث من الممكن أن تكون قضايا القيود على الحرية الأكاديمية بالكاد مشكلة تؤرقهم للتعامل معها. أما بالنسبة للتخمين التقليدى الخاص بالشراكات الدولية – فى البحوث، وتبادل أعضاء هيئة التدريس، والدراسة فى الخارج – فإن نقطة خلافية أخرى تظهر على السطح – ألا وهى الأخلاقيات.
التعليقات