لو أن الحكومة وأجهزتها فضحت وقبضت على «الطرف الثالث» الذى أطلق النار أمام ماسبيرو، وعلى ثوار محمد محمود، ولو أنها كشفت هذا «الطرف الثالث» فى كل الأحداث الملتبسة من مسرح البالون وكنيسة إمبابة إلى السفارة الإسرائيلية ومديرية أمن الجيزة، لو أنها فعلت ذلك ما وصلنا إلى مسلسل «سيدة الحواووشى المجهولة» ووجباتها التى أصابت المعتصمين أمام مجلس الوزراء بالتسمم أو التلبك.
المؤكد أن هناك كثيرين يهمهم ألا تستقر الأوضاع خصوصا الذين أضيروا من الثورة.. ونظريا أمنت بحكاية الطرف الثالث خصوصا أثناء مجزرة ماسبيرو، لأن عقلى يرفض تصديق أن تتم هذه الجريمة لأى سبب غير المؤامرة الكبرى، وللحظات صدقت أن هناك «متآمرين» لعبوا دورا قذرا فى تصعيد الأحداث فى شارع محمد محمود.. لكن المشكلة أننا نظل نتكلم عن الطرف الثالث وعن المؤامرة، ثم لا نكشف أى شىء يؤيد ما نقول.
وبالتالى علينا أن نتوقف عن ترديد هذه النظرية حتى نقبض ولو لمرة واحدة على متهم واحد يقول لنا إنه الطرف الثالث.
مساء الأربعاء وقفت حوالى ساعة مع المعتصمين بعد الحادث.. وجزء منهم يتهم أجهزة الحكومة بمحاولة قتلهم، حاولت مناقشتهم بالمنطق لكننى اكتشفت أن أزمة الثقة بين الجانبين مفقودة تماما ومستحكمة.
نظريا قد نكتشف أن كل ما حدث كان نتيجة طعام فاسد وقد يكون هناك متهم تعمد إرهابهم.. لكن فى كل الأحوال فإن الخاسر الأكبر هو الحكومة لأنها الأكثر استفادة من الهدوء فى التحرير.. فى حين أن أى أذى يلحق بالمتظاهرين لا يصب فى صالحها، وهو آخر شىء يتمناه وزير الداخلية الجديد.
أحد المعتصمين يرد أن الحكومة تريد توصيل رسالة لكل من يفكر فى الاعتصام مستقبلا بأنه غير آمن على حياته.
قبل الوصول لمجلس الوزارء توقفت فى ميدان التحرير لنصف ساعة مراقبا مجموعة من الشباب صغير السن فى حالة هياج قررت إغلاق الميدان وبدأت فى الاعتداء على السيارات غير الممتثلة للتعليمات.. وبعد دقائق جاءت مجموعة لا تزيد على عشر ودخلت معهم فى نقاش محتدم.. النقاش كان ثريا ويعكس الحالة الموجودة فى مصر.. المعارضون قالوا: إن الحكومة هى المستفيد الأكبر من الإغلاق، لأنه يجعل بسطاء المواطنين يصدقون أسطورة أن كل من فى الميدان بلطجية.
مواطن بسيط ذهب إلى هؤلاء قائلا: هناك مجموعة تسممت، ولا نعرف من الفاعل.. فما ذنب المواطنين البسطاء الذين تتعطل مصالحهم بإغلاق الميدان؟!
بعد جدل انتصر المعسكر الرافض للإغلاق وعادت السيارات تتدفق على الميدان.
لفت نظرى أن حركة 6 أبريل أصدرت بيانا قبل أيام قالت فيه إن الذين كانوا يغلقون الميدان من البلطجية. وما رأيته فى الميدان هذه الليلة يحتم وجود قيادة ميدانية لقوى الثورة معروفة للجميع، تتخذ مثل هذه القرارات المهمة، فلا يصح إطلاقا أن يكون صاحب قرار إغلاق ميدان بحجم التحرير مجهولا.
على الجميع أن يتحمل مسئولياته حتى لا يسىء حفنة من المأجورين لجموع الثوار الشرفاء.
المسئولية تعنى أن تتحرك كل أجهزة وزارة الداخلية والحكومة لكشف حكاية الطرف الثالث أو «اللهو الخفى» الذى ينفذ كل الجرائم أمام أعيننا ثم يختفى.
وإلى أن يتم إلقاء القبض على المجرم أو المتهم أو المشتبه فيه أو نعرف حقيقة ما حدث، فلا يمكن تبرئة أى طرف.
أخيرا وبنظرية أبحث عن المستفيد: هل لاحظتم أن سندوتشات الحواوشى استطاعت إفساد فرحة الكثيرين بالانتخابات وجعلت معظم وسائل الإعلام تتوقف عن متابعة الانتخابات وتتحول إلى الاعتصام وتركيبة الحواووشى؟!