التغيير فى تركيا.. سحابة عابرة أم ممطرة؟ - العالم يفكر - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 6:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التغيير فى تركيا.. سحابة عابرة أم ممطرة؟

نشر فى : الأحد 16 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 16 يونيو 2013 - 12:11 م

أعداد/ أيمن أبو العلا

 

كتب أحمد سواى إيا الأستاذ بجامعة إيووا الأمريكية تحليلا للمشهد التركى الحالى بعنوان «ربيع تركى حتى ولو اختلف عن الربيع العربى»، نشر على الموقع الإلكترونى لمؤسسة إسلميك سوسيتيز رفيو. وفى هذا التحليل حاول الكاتب معرفة إذا كان ما يحدث فى تركيا الآن هو أمتداد لثورات الربيع العربى أم لا، وهو الأمر الذى يجب أن نهتم به حيث ستكون له دلالة مباشرة على واقعنا العربى.

 

يرى الكاتب أن الاحتجاجات الواسعة التى تشهدها تركيا الآن تستحضر فى الذهن فكرة أن ما يمثله ميدان «تقسيم» لتركيا هو نفسه الذى يمثله ميدان التحرير لمصر. وبالتالى تصبح مظاهرات «تقسيم» هى استئناف لسلسلة الثورات التى بدأت من تونس. ولكن معظم المحللين والمراقبين يرفضون هذه الفكرة وحجتهم هى أن أردوغان وحزبه انتخبوا بطريقة ديمقراطية وأن فترة حكمه كانت فترة ازدهار اقتصادى، وهو الأمر المخالف لواقع بلدان الربيع العربى.

 

وردا على هذا الطرح يقول الكاتب إن الحكم الديمقراطى مثله مثل الحكم الديكتاتورى، عرضة لما يمكن أن نسميه سوء استغلال للسلطة؛ فى البلدان الديكتاتورية من السهل التعرف على هذا الأمر لأنه يأتى عادة من مصدر واحد، ديكتاتور أو حزب حاكم. أما فى الديمقراطيات حيث السلطة موزعة فمن الصعب الوصول إلى مصدر سوء استغلال السلطة. لكن فى النهاية لو شعر شعب أن كرامته قد انتهكت سواء من حكم ديكتاتورى أو ديمقراطى فسوف ينتفض هذا الشعب.

 

إن موجة الثورات التى أشعلها البوعزيزى تدور حول عنوان واحد، الكرامة. فبالطبع ثورة تونس ليست قائمة للثأر لبائع تم الاعتداء عليه بواسطة شرطية فى سيدى بوزيد. كذلك الأمر فى تركيا، الاحتجاجات ليست قائمة لحماية عدة شجرات فى «جيزى بارك». هذه الأمور الرمزية هى ببساطة القشة التى قسمت ظهر البعير. فالشعور بكونك جعلت غير معنى أو غير قادر أو رأيك لا قيمة عند حاكم متغطرس، منتخب أو غير ذلك، هو القوة الحقيقية التى ينكسر بها جدار الخوف وتدفع الناس لنيل كرامتهم.

 

إذا كان أردوغان منتخبا فقد أظهر ميولا ديكتاتوريا. أن تكون منتخبا بطريقة ديمقراطية لا يعنى أن حكمك لا يقبل التصحيح خصوصا عندما لا يكون للدولة مؤسسات مجتمع مدنى قوية وراسخة. يقول الكاتب إن أردوغان استهدف الصحفيين والأكاديميين والفنانين والقضاة ونشطاء حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية، وعندما واجهه معارضيه استخدم أسلوبا ديماجوجيا غوغائيا واستغل مؤيدى حزبه لخنق المعارضة.

 

فى الختام أكد الكاتب أن الربيع التركى مشابه للربيع العربى، ولكنه مختلف فى بعض النقاط. ففى الوقت الذى فيه أراد معظم المتظاهرين العرب إسقاط النظام، فالمتظاهرون الأتراك يريدون لأردوغان أن يستقيل ليبقوا على النظام وعلى مكتسباتهم ويخططوا لمستقبل تحكم فيه الحكومة بطريقة تشاركية وليس بطريقة أردوغان الذى صرح بأنه سيقوم بحشد مليون موالٍ له أمام كل مائة ألف متظاهر اتى ليعارضه.

 

●●●

 

تحليل آخر للمشهد التركى كان فى التقرير الذى كتبه كل من جاليا لندنسروس، وأوريت برلوف، وتيمور سايتوف نشر بعنوان «الاحتجاجات فى تركيا: هل سيتسرب البخار أم سيكون محركا للتغيير؟» نشر على الموقع الإلكترونى للمعهد الإسرائيلى لدراسات الأمن القومى. ولقد قصدنا ألا نغفل البحوث والتقارير التى تنتجها مراكز الأبحاث الإسرائيلية، حيث ينبغى علينا أن نعرف كيف تفكر إسرائيل من الداخل.

 

توقع الباحثون ألا ينتهى الأمر بسقوط أردوغان، وتوقعوا فقط أن تجهض الاحتجاجات طموحه فى الوصول إلى تغيير النظام التركى إلى نظام رئاسى يعطى له الفرصة ليكون رئيسا ذا صلاحيات استثنائية. ويقول التقرير إن جزءا من الشعب التركى قلق من دور الرئيس الروسى فلاديمير بوتن الذى يعتبر أحد العوامل الخفية المسببة لتلك الاحتجاجات، فهو يعتبر أحد المستفيدين مما تم توزيعه فى مظاهرات «تقسيم» من كتيبات تقول: «هذا لا يتعلق بفكرة البارك بقدر ما يتعلق بفكرة أن صوتك ليس مسموعا.

 

إن الأمر يتعلق بسوء استغلال البلد لسلطاتها. إن الأمر يتعلق بالرقابة المفروضة على الإعلام. إن الأمر يتعلق بالأقليات التى لا تجد من يحميها. إن الأمر يتعلق بالديمقراطية».

 

بعد ذلك تناول الباحثون شرح الهيكل الطائفى للتظاهرات فوضحوا أن العلمانيين بكل طوائفهم، الليبراليون منهم والاشتراكيون يمثلون الأغلبية بين صفوف المتظاهرين. وهناك كذلك الأكراد، ومجموعة أخرى مثيرة للاهتمام وهى طائفة العلويين الأتراك الذين يمثلون نحو 15% من الشعب التركى. يكفى التعبير الرمزى لسلوك الحكومة فى التعامل مع تلك الأقلية الذى يظهر فى نية الحكومة فى إطلاق اسم السلطان سليم الأول، المعروف تاريخيا بسفاح العلويين، على الجسر الثالث الذى سيتم تشييده على مضيق البسفور.

 

كما أن العلويين ليسوا سعداء بسلوك الحكومة إزاء القضية السورية، حيث تعارض تركيا بشار الأسد العلوى. أما أهم ما فى الأمر فهو اختفاء دور العسكر فى وضع كان يمكن أن يعتبروه فى الماضى من أقوى المبررات لتدخلهم.

 

وبالنسبة للخطاب الحكومى، فإن رئيس الجمهورية ووزير خارجية تركيا علقوا على تلك المظاهرات بأنها من الممكن أن تلطخ صورة تركيا، ومن وجهة نظر الباحثين أن الأكثر دقة هو أن قمع تلك التظاهرات هو الذى يلطخ صورة تركيا.

 

وأنا من الضرورى فهم تلك التعليقات فى السياق الذى تسعى فيه تركيا لنشر «النموذج التركى» فى المنطقة، وأكثر تحديدا يجب فهمها فى سياق برنامج «اسطنبول 2020» لاستضافة الأوليمبياد الصيفية الذى يعتبر من أهم التطبيقات التركية للقوة المرنة، وحيث إن سبتمبر المقبل هو موعد تصويت اللجنة الأوليمبية فستكون فرصة تركيا قد قلت كثيرا.

 

وفى ختام التقرير يوضح الباحثون أن المحتجين فى تركيا يرون أنه حتى إذا كانت هناك بعض اللافتات المرفوعة فى ميدان «تقسيم» تطالب أردوغان بالانسحاب، فإن الواقع أن معظم المحتجين يسعون فقط إلى تقييد حركة أردوغان الذى ثبتت ميوله الديكتاتورية، وليس عزله.

 

●●●

 

ختاما نجد أن التحليلين رفضا فكرة أن يتم إسقاط النظام التركى برمته وإن توقع التحليل الأول أن يتم إسقاط أردوغان وليس نظامه، فيما رجح التحليل الثانى أن يتم الإبقاء على أردوغان ولكن مع تجريده من طموحه الديكتاتورى.

التعليقات