فتاة عمرها ١٧ عاما، تقول إنها تضطر إلى أن تنام بين والدها وبقية إخواتها البنات حتى لا يقوم الأب باغتصاب بقية بناته الصغار.
هذه الحكاية سمعتها من الدكتور مهندس أيمن إسماعيل المعمارى الكبير والأمين العام لمؤسسة «معا» صاحبة مشروع بناء مساكن آدمية لسكان المناطق العشوائية قرب مدينة السلام.
إسماعيل قال إنه قابل والد الفتيات، وسأله لماذا تفعل ذلك؟ فرد بهدوء: «فيها إيه.. ده عادى، لا عيب ولا حرام، والدى كان يفعل ذلك مع إخواتى البنات، ومعظم الناس فى المنطقة بيعملوا كده».
الدكتور أيمن إسماعيل حكى هذه الحكاية، مساء الاثنين الماضى، أمام المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، ووزراء التخطيط والشباب والصحة والتضامن الاجتماعى، والعديد من كبار المسئولين والإعلاميين.
الرجل تحدث بلغة بسيطة، لكنها شديدة القسوة عن واقع المناطق العشوائية التى يعيش فيها ٢٥ مليون مواطن، منهم ٣٧٪ فى المناطق الحضرية، والكثير منهم مهدد بالخطر الأكيد، بل إن السؤال الحقيقى هو: متى يموتون؟
تحدث الرجل عن الانحدار الأخلاقى غير المسبوق فى هذه المناطق ولو لم يتحرك كل المجتمع، فإن هذا الخطر سيتفاقم، متسائلا: «هل هذه هى مصرنا التى نعرفها؟»، «هناك بطالة رهيبة تتحول فى هذه المناطق إلى بلطجة، وبمنطق المصلحة فليس هناك مواطن منا ينام الآن فى بيته فى أمان من تجار المخدرات والبلطجية الذين يتركزون فى هذه المناطق».
الدكتور إسماعيل يقول: «نريد أن ننقذ هؤلاء الناس فى العشوائيات، ونريد أن نحمى أولادنا من الخطر والتدهور الأخلاقى المريع وأن نقاوم «ثقافة المطواة» التى تنتشر بمعدلات قياسية، ثم سأل الرجل «مين فينا عاجبه شكل مصر الموجود على الطريق الدائرى؟!».
فى تقدير إسماعيل، فإن الحكومة مهما فعلت فلن تحل المشكلة بمفردها، بل لابد من دور مهم للقطاع الخاص وكل المجتمع.
تحدث الرجل عن المشروع الذى تم افتتاحه آخر الأسبوع الماضى لمساكن العشوائيات، والأسعار فيه تقل عن أسعار الحكومة بنحو عشرين فى المائة، وبها مسارح وسينما ومركز ثقافى. واختتم الدكتور إسماعيل قوله «إننا فقدنا قدرتنا على الحلم تماما، كنا نحلم بأن نكون ضمن أسعد ٣٠ شعبا فى العالم، ومازلنا نأمل أن نصل إلى هذا الأمر عام ٢٠٣٠».
تحدث أيضا الفنان الكبير محمد صبحى عن بداية الفكرة، حينما أصر فى مايو ٢٠١١ على جمع مليار جنيه من المصريين فقط، لبناء مساكن حديثة لسكان العشوائيات والعقبات التى صادفته، وفهلوة بعض المصريين الذين يريدون الحصول على شقة ثم يبعوها، لكى يستمروا فى الإقامة بالمناطق العشوائية، كما أن غالبية المصريين يحبون التبرع لمرضى السرطان والقلب، ولا يتعاطفون مع بعض سكان العشوائيات، ويقولون عنهم «يتحرقوا بجاز، دول مش بشر»، والسبب فى رأى صبحى هو «الأسلوب الذى يتعامل به الإعلام والسينما والفن عموما ومتاجرته بسكان العشوائيات، وإظهارهم بهذه الصورة المزرية، وكأنهم مجموعة من السفلة والداعرين».
قال صبحى، إنه مدين للإعلامى عمرو الليثى، لأنه عرفه على الواقع الفعلى لهؤلاء المظلومين، مطالبا بتغيير الثقافة الشعبية الشائعة عنهم، لأنهم ليسوا كتلة واحدة، ودور المجتمع أن ينتشلهم ويساعدهم حتى لا يدمروا المجتمع فى النهاية.
محلب رد على كلام الدكتور أيمن بقوله، إن الحلم موجود والحكومة ستتحرك وتساعد، وإنه زار هذا المشروع ثلاث مرات.
فى النهاية تم فتح باب المزاد الذى قادته الفنانة حنان ترك، وبدأ بالتبرع بـ«طوبة» وتساوى ألف جنيه، أما الغرفة فتعنى عشرة آلاف والشقة مائة ألف، والدور ٤٠٠ ألف، والفصل الدراسى نصف مليون وورشة تعليم الحرف مليون، والعمارة ٢ مليون وجناح فى مستشفى ثلاثة ملايين.
تحية تقدير واحترام لكل من ساهم فى نجاح مشروع «معا» وعلى رأسهم الفنان محمد صبحى رئيس مجلس الأمناء، والأمين العام أيمن إسماعيل، ونائب الرئيس نيازى سلام، وبقية الأعضاء سعيد عزمى وعمرو الليثى وأميمة عبدالفتاح إدريس وحنان ترك وعبدالسلام المحجوب وحاتم خاطر وسهنود إبراهيم والمهندس حسين الزاملى.
ليت كل القادرين يتبرعون لمثل هذه المشروعات، وإذا كانوا لا يملكون نقودا فليكونوا سفراء للخير ويشجعوا من يملك.