أصحاب المساحات - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 11:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أصحاب المساحات

نشر فى : الأربعاء 16 ديسمبر 2015 - 9:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 16 ديسمبر 2015 - 9:50 م
منذ يومين، أصدرت لجنة حماية الصحفيين، وهى منظمة غير حكومية مقرها مدينة نيويورك فى الولايات المتحدة الأمريكية ونطاق عملها عالمى، تقريرها السنوى لعام 2015 بشأن جرائم احتجاز وحبس وسجن الصحفيين بسبب عملهم.

فى التقرير، تأتى مصر فى الموقع الثانى من حيث عدد الصحفيين المسلوبة حريتهم، متخلفة فقط عن الصين التى تحتجز سلطاتها 49 صحفيا. يثبت التقرير أن 23 صحفيا مصريا يقبعون وراء الأسوار، وهو الرقم الذى يتطابق مع أرقام الحد الأدنى الواردة فى تقارير بعض المنظمات الحقوقية المصرية. يسجل التقرير أيضا أن الحكومة المصرية عادة ما تتذرع «بمقتضيات حماية الأمن القومى» لتعقب وقمع الصحفيين المتمسكين بحرية تداول المعلومات وبالتعبير الحر عن الرأى.
على الرغم من المضمون الصادم الذى يحتويه التقرير بشأن تدهور أوضاع الصحفيين المصريين، فإن الإعلام المكتوب والمرئى تجاهله على نحو مريب. واقتصر تناول التقرير على إشارات عابرة فى بعض الصحف اليومية وبعض البرامج التليفزيونية، وعلى تعقيب موضوعى من قبل الأستاذ خالد البلشى ــ وكيل نقابة الصحفيين ورئيس لجنة الحريات – الذى أكد دقة مجمل التقرير وذكر الرأى العام بأسماء عدد من الصحفيين المحتجزين / المحبوسين.
إذن، أيضا فيما خص سلب حرية زملائهم يفضل بعض الصحفيين والإعلاميين من «أصحاب المساحات» التجاهل على التناول، والصمت على التضامن العلنى، والانصراف إلى أمور الضجيج والصخب المعتادة على الاهتمام بالقضية المركزية لمهنتهم، الحرية.
هل يظن هؤلاء السادة من «أصحاب المساحات» أنهم فى مأمن من سلب الحرية؟ هل يعتقدون أن تأييدهم للحكم وامتناعهم عن معارضة أفعاله وممارساته سيحميهم من التعرض للتعقب؟ ألا يدركون أن سلب حرية الصحفيين هو معول هدم لمهنتهم شأنه شأن العصف بالحق فى تداول المعلومات والتعبير الحر عن الرأى دون قيود؟ ألم تدلل لهم تقلبات السنوات الماضية على أن القمع فى بر مصر لا يعرف حدودا دائمة لمن مع ومن ضد، ولا يعترف بالصداقات الأبدية، وكثيرا ما يتنصل من تصنيفات الخيرين والأشرار الإيديولوجية والسياسية؟ أم أن أولوية «أصحاب المساحات» هى للإبقاء على مساحاتهم حاضرة والحفاظ على المنافع المرتبطة بها وفقا للشروط التى يحددها الحكم وأجهزته، ودون استبعاد لاحتمالية تحولهم هم إلى ضحايا للقمع عندما تتجدد التقلبات، ولتذهب الحرية ويذهب مستقبل المهنة إلى الجحيم؟ وهل هى واقعية المنتفعين فى حدودها القصوى، تلك التى تجعلهم ينصرفون إلى الضجيج والصخب ويتجاهلون زملاءهم القابعين وراء الأسوار؟
للسادة «أصحاب المساحات» التفكير وربما الإجابة على هذه التساؤلات، إن أرادوا. وعلينا مسئولية توظيف المتاح لنا من مساحات محدودة، وهى باتت تضيق أكثر فى إيقاع شبه يومى وتتعرض بانتظام لأخطار المنع والحذف والرقابة الذاتية، لتوعية الرأى العام بحقائق سلب حرية بعض الصحفيين المصريين. وكذلك لتوثيق إجراءات القمع والتعقب التى يعانى منها صحفيون آخرون، وتناول تداعيات غياب الحرية على التزام وسائل الإعلام لقيم المهنية والموضوعية وعلى احترامها لحق المواطن فى المعلومة والحقيقة والمعرفة.

غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.
عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات