الثورة لا تشرب البنزين على الريق - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 11:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الثورة لا تشرب البنزين على الريق

نشر فى : الثلاثاء 17 يناير 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 17 يناير 2012 - 9:05 ص

لم يثبت علميا أن الثورات تعيش على البنزين، أو أن الثوار يتعاطون غاز الأنابيب، ولم يثبت سياسيا وواقعيا الثورة تحكم البلاد وتدير الأمور لكى تتهم بخنق العباد ومحاصرتهم اقتصاديا وتجويعهم أمنيا.

 

وعليه فإن الحاصل الآن على هامش أزمة البنزين ــ الرابعة على التوالى خلال أقل من خمسة أشهر ــ أن الذى يفرض الحصار الاقتصادى على الشعب المصرى هو من بيده سلطة المنح والمنع، وفتح الصنبور وغلقه، الممسك بالريموت كونترول طوال الوقت، فيظهر البلطجية والمواطنون الشرفاء فى مواقيت معلومة، ويختفون فى مواقيت أخرى، كما حدث فى الانتخابات حين صفدت شياطين البلطجة فى سلاسلها، وهى التى كانت تمرح فى طول البلاد وعرضها قبل العملية الانتخابية فى ظل رعاية إعلامية فائقة، ومتابعة وتركيز لحوح على إبراز مناخ الرعب والفزع.

 

وبما أننا على بعد تسع خطوات فقط من 25 يناير، وبما أن فيلم الرعب الأمنى، القائم على سيناريو فزاعات التخريب والمخططات الإرهابية، لم يحقق الإيرادات المنتظرة منه، ولم يحدث التأثير الكافى لإثناء قطاعات كبيرة من المصريين عن التفكير والتصميم على إكمال ثورتهم فى يوم عيد ميلادها الأول، فقد قرر المخرج والذى هو فى الوقت ذاته المنتج والمؤلف أن يستعين بالأرشيف، ليعيد عرض فيلم «الثورة المبددة للطاقة» وتتكرر مشاهد الطوابير أمام محطات الوقود ومستودعات البوتاجاز، وتصاب مصر كلها بالشلل، وتحترق أعصاب الناس فى التزاحم والتدافع بحثا عن بضعة لترات من البنزين.. وبالمرة يصبون غضبهم ولعناتهم على الثورة و«العيال الصيع» الذين خربوا البلد وأوقفوا نموه الاقتصادى وعطلوا تطوره السياسى، وأنزلوه فى أنصاف الليالى بملابس النوم طلبا لما يستطيع به الحركة فى الصباح.

 

وإذا كانت دعوات سابقة للتظاهر ورفع المطالب قد حوربت ببنزين 80 كما حدث قبل العيدين الماضيين، فإن الدعوة لمليونية عيد ميلاد الثورة تحارب الآن ببنزين 80 و90 وحتى 95.

 

غير أن الجديد هذه المرة أن كثيرين لم تعد مثل هذه السيناريوهات القديمة قادرة على إثارة غضبهم وحنقهم على الثورة، خصوصا أن المؤكد أن الثوار لا يديرون قطاع البترول والطاقة، ولا يمتلكون محطات الوقود، ولا يحتكرون توزيع البوتاجاز.. ولن يصدق أحد شيئا من حواديت تنويم الصغار على وسائد الرعب، من عينة أن كميات البنزين أهدرت فى صناعة «المولوتوف» لإحراق الوطن.

 

لقد أقاموا المهرجانات استقبالا لتعيين كمال الجنزورى رئيسا للوزراء، ونصبوا المذابح وعلقوا المشانق لمن اعتصموا فى محمد محمود ومجلس الوزراء احتجاجا على اختياره.. ومن ثم فهذه شهادة رسوب جديدة تضاف إلى دولاب ميداليات وأوسمة الفشل فى إدارة شئون البلاد، مع ملاحظة أنه رغم تعدد مرات الرسوب، يصرون على أنهم الأكفأ والأشطر.

وائل قنديل كاتب صحفي