الإتاوة فى تكلفة الخدمات الحكومية - صفوت قابل - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 12:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإتاوة فى تكلفة الخدمات الحكومية

نشر فى : السبت 17 مارس 2018 - 9:45 م | آخر تحديث : السبت 17 مارس 2018 - 9:45 م

عادة ما تقوم الحكومات بالإنفاق على الخدمات العامة من الإيرادات التى تقوم بتحصيلها من مواطنيها وخاصة الضرائب، وقد تفرض الحكومة بعض الرسوم على متلقى الخدمات سواء لترشيد الاستهلاك أو للمساهمة فى تحمل جزء من التكاليف، وإذا فرضت الحكومة مبالغ كبيرة للحصول على خدماتها فيمكن أن توصف هذه المبالغ بالإتاوة حيث تفرضها السلطات جبرا دون أن تتناسب مع ما تقدمه من خدمات.

وقد أصبح واضحا أن سياسة الحكم الحالى تتجه إلى أن يتحمل المواطن قيمة تكلفة الخدمة التى يريدها، وهو ما أوضحه رئيس الجمهورية فى العديد من لقاءاته وآخرها فى تدشين مدينة العلمين الجديدة حيث قال «كل واحد يدفع ثمن الخدمة المقدمة له»، كما طلب من الجمعيات الخيرية أن تقوم بإدارة بعض المستشفيات العامة.
لذلك فإذا كان المواطن سيتحمل تكلفة ما يريد من خدمات لأن الدولة لا تقدر على توفيرها بإمكانياتها المالية المحدودة، فيكون من المنطقى أن نعرف كيف تم تحديد هذه التكلفة التى علينا أن ندفعها، وهل هذه التكلفة تتناسب مع ما نحصل عليه أم أن هناك مغالاة فى تقدير هذه التكاليف وتريد الحكومة أن ندفعها رغم انخفاض دخل الأغلبية وعدم قدرتهم على الدفع.
ومما يزيد من أهمية أن نعرف التكاليف التى على المواطنين تحملها، أن الأرقام التى يعلنها المسئولون لإصلاح بعض المرافق من الضخامة بحيث يصعب أن يتحملها المواطنون، فمثلا أعلن الرئيس السيسى أن إصلاح السكك الحديدية يحتاج 250 مليار جنيه وهو رقم ضخم لا يمكن أن يتم تحميله على سعر تذاكر القطارات، كما أعلن وزير النقل ونائبه أن تكلفة تطوير الخط الأول لمترو الأنفاق 32 مليار جنيه وأن سعر تذكرة المترو الحقيقية هى عشرة جنيهات، وهو ما يعنى أن مضاعفة سعر تذكرة المترو التى حدثت منذ شهور هى مجرد بداية لسلسلة من زيادات الأسعار، فإذا أضيف لذلك تكاليف دخول القطاع الخاص إلى إدارة السكك الحديدية وضرورة حصوله على أرباح يتحملها المواطن فسنكون أمام أرقام ضخمة على المواطنين تحملها.

***

لذلك وفى إطار الشفافية التى تقول الحكومة أنها تعمل فى إطارها، عليها أن تعلن تفاصيل تكاليف هذه الخدمات وألا يتحمل المواطنون تكاليف أخطاء الإدارة فى تعيين الأبناء وفى دفع المكافآت الضخمة للقيادات التى لا يحتاج المرفق للكثيرين منهم وألا تكون هناك مغالاة فى تقدير قيمة هذه الإصلاحات من خلال فتح المجال أمام المنافسة الحقيقية بين موردى الخدمات، فإذا حدث ذلك فسنجد أن قيمة التكاليف ستنخفض كثيرا مما يقلل الأعباء المطلوب من المواطنين تحملها.

وينطبق نفس الأمر على تكلفة الكهرباء والتى أعلنت الحكومة أن الدعم للكهرباء سينتهى خلال خمس سنوات وأن المواطن سيتحمل تكلفة الكهرباء التى يحصل عليها، لذلك لابد من إعادة النظر فى هيكل التكاليف وخاصة بند الأجور والحوافز والمكافآت حيث من المعروف أن قطاع الكهرباء من القطاعات التى يكثر فيها التعيين بالواسطة وبمرتبات كبيرة، فلماذا يتحمل المستهلك هذه التكاليف.

وهناك نموذج آخر من نماذج فرض الإتاوات على المواطنين بحجة دفع تكلفة الخدمة، وأقصد رسوم جمع القمامة، حيث أعلن وزير البيئة فى نهاية فبراير 2018 عن رسوم جمع القمامة للوحدات السكنية، بحيث تتراوح بين جنيهين و40 جنيها، فيما ستبدأ الرسوم المحملة على الوحدات التجارية من 30 جنيها وتنتهى عند 200 جنيه، بالطبع إذا قلنا إن هذه مبالغة فى تقدير الرسوم فسيكون الرد من المسئولين أن نظافة المدن تحتاج أكثر من ذلك، وهو ما يتطلب الإعلان عن هيكل التكاليف الذى جعلهم يقررون هذه الرسوم، مع الأخذ فى الاعتبار أن منظومة جمع القمامة فشلت منذ أن قامت الحكومة بإسنادها إلى الشركات الأجنبية التى لا نعرف المسئولين عنها ولماذا لم تستطع الحكومة محاسبتها على فشلها، بالطبع هذا من ملفات الفساد الكبيرة التى تحتاج إلى شجاعة للخوض فيها لمعرفة الحقيقة، ولكى لا يتكرر الفشل مع إنشاء شركة قابضة لجمع القمامة كما تخطط الحكومة وتحميل المواطنين هذه الرسوم المرتفعة ثم تتكرر أخطاء الشركات الأجنبية ونظل نرتع فى أكوام القمامة، على الحكومة أن تعلن كيف يتم حساب هذه التكاليف ومن سيحصل على هذه الرسوم ومقدار المكافآت للكبار فى هذه المنظومة.

***

ومن الإتاوات الحديثة التى فرضتها الحكومة ما أسمته الغرامات التى يدفعها مكررو العمرة خلال ثلاث سنوات، حيث فرضت غرامة مقدارها عشرة آلاف جنيه على من يرغب فى أداء العمرة من هؤلاء، وبالطبع فالهدف خفض أعداد المعتمرين بعد أن جعلت المدة الزمنية للعمرة ثلاثة شهور فقط، وكل ذلك بهدف توفير العملات الأجنبية التى يحتاجها هؤلاء المعتمرون، ولكن خطأ الحكومة أنها إذا كانت تهدف لتوفير العملات الأجنبية فليكن ذلك على كل المسافرين وليس للعمرة فقط، فهناك من يسافرون شهريا للتسوق، فلماذا تتركهم الحكومة وتفرض قبضتها على المعتمرين وهل الحصيلة التى ستجنيها من هذه الإتاوة تستحق كل هذه المتاعب.
إذا كان قدرنا أن نتحمل تكلفة الخدمات التى نحصل عليها، فمن حقنا أن نعرف كيف يتم تقدير هذه التكاليف وألا ندفع إلا التكلفة السليمة دون التكاليف المبالغ فيها للمكافآت والتقدير المغالى فيه للموردين، وقبل كل ذلك أن نعرف أين تذهب الضرائب التى يدفعها المواطنون من أجورهم ومن القيمة المضافة التى تفرض على السلع.

صفوت قابل أستاذ الاقتصاد عميد تجارة المنوفية السابق
التعليقات