فن الإصغاء - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 4:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فن الإصغاء

نشر فى : الجمعة 17 أبريل 2009 - 4:34 م | آخر تحديث : الجمعة 17 أبريل 2009 - 4:34 م

 يوصيك أهل الخبرة أن تستمع إلى أولادك كى تعرفهم من الداخل بعد أن حفظت شكلهم من الخارج، وفى فرع كامل من فروع الطب النفسى يقوم على أساس شخص يتكلم وآخر يصغى، وفى الأداء التمثيلى لا يكفى أن يجيد الفنان تلوين الانفعالات وهو يلقى بحواره فقط، ولكن عليه أن يعبر عن وقع كلمات الآخر على نفسه، ويتجلى «فن الإصغاء» فى البرامج التليفزيونية على نحو أوضح، حتى إن شهرة كبار مقدمى البرامج جاءت بفضل قدرتهم وأساليبهم فى الاستماع لضيوفهم.

أوبرا وينفرى تصغى لمحدثها بكيانها كله، لا تنشغل عنه لحظة، تستمع له بعينيها وقلبها، دكتور فيل، يرصد كلام ضيوفه بعقل يقظ، لا ينساق فى التعاطف، فمن الممكن أن يتحول إلى صقر بين لحظة وأخرى.

بعيدا عن المذيعين ــ بالذات المذيعات ــ ممن دأبوا على مقاطعة ضيوفهم، والتدخل المدعوم بالجهل، يأتى هذا البرنامج الذى يعتبر نموذجا رفعيا وناجحا للبرامج الممتعة والمفيدة فى آن، البرنامج عنوانه «أنا والحياة»، يقدمه حسين فهمى، ولا أقول النجم أو الممثل متعمدا، فالمذيع هنا، حسين فهمى، استبعد تماما مسألة النجومية، يجلس وينظر ويلتفت على نحو بالغ من البساطة والعفوية، يرتدى الملابس العادية ويصفف شعره بطريقة تخلو من التألق، إنه قريب للنفس، تعايشه أكثر مما تعجب به، وهذا من أهداف البرنامج، وهو لا يتحدث بقدر ما يستمع، يصغى بعينيه وأذنيه فيغدو الموضوع هو مركز الاهتمام، والموضوع هنا خطير، يتعرض لقضية ختان البنات، وتتوالى الوجوه المعارضة للختان والمؤيدة، ومع كل وجه نتبين جانبا من جوانب القضية، وبالطبع لحسين فهمى موقفه، لكن يتحاشى الإعلان عنه بغضب أو بانفعال، ذلك أنه يترك، بصدر رحب حرية الكلام لمتحدثة تحاول إقناعه بضرورة الختان، وبابتسامة رقيقة يعلن لها، بهدوء وتواضع، أنها لم تقنعه، معبرا فى هذا عن رأى المشاهدين. الإعداد الجاد والجيد للبرنامج يقدم فيما يقدمه فيلما مدته دقيقة عبارة عن مقص يقص زهرات من حديقة، ومع كل زهرة تُقص نسمع صرخة طفلة، نسمعها مع أستاذ الإصغاء.. حسين فهمى.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات