تاكسى البلد - كمال رمزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 5:33 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تاكسى البلد

نشر فى : الأربعاء 18 أبريل 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 18 أبريل 2012 - 8:00 ص

فيما يبدو أن السينما اللبنانية تشهد لحظات انتعاش، فالزائر لبيروت يرصد ثلاثة أفلام جديدة، دفعة واحدة. فيلمان يعرضان فى الصالات: «تاكسى البلد» لدانيال جوزيف، و«إنسان شريف» لجان كلود قدسى.. أما الفيلم الثالث «بيروت فى الليل» أو «فندق بيروت»، حسب عنوانه الأجنبى، فإنه متوفر على الأرصفة، وفى أكشاك بيع السيديهات «المضروبة»، بعد أن منعته الرقابة، فحققت له شهرة ورواجا، لم تكن صاحبته، دانيال عربيد، تحلم بهما.. يتمتع كل عمل من الأفلام الثلاثة، بأسلوبه المستقل، الذى لا يشبه الأخرى، مما يثبت حيوية سينماتهم بالانطلاق. بعضها، مثل «تاكسى البلد» يتميز بألق شديد الخصوصية، يستوحى الروح اللبنانية، حيث الأناقة والتفاؤل. النشاط والذكاء. والأهم، تلك القدرة على الجذب، فالفيلم المتسم بالحيوية، المتدفق بالمواقف، يمنع أى ملل قد يتسرب إلى الجمهور.

 

«تاكسى البلد» يندرج فى باب «أفلام المدينة»، أو أفلام «العرض حال». قصته بسيطة: شاب، اسمه يوسف، بأداء جيد من طلال الجردى، قادم من ضيعة فى الشمال، يشترى بكل ماله سيارة أجرة، يعمل عليها نهارا وليلا. يلتقى عددا كبيرا من الشخصيات. يمر بمواقف متلاحقة. يتفتح قلبه بالحب تجاه وافدة أمريكة، هاربة من بلاد العم سام عقب فشل قصة حبها مع رجل لبنانى.. الفيلم ليس مجرد قصة، لكن عالم كامل، موضوعى وذاتى فى آن. هو طريقة فى السرد، يوفق فيها مخرج العمل وكاتبه، بمساندة مواهب لبنانية مبدعة فى مجال التمثيل، فضلا على طاقم عمل مرصع بخبرات أمريكية لها شأنها، على رأسها المصور تشارلز دى روزا، والممثلة كارينا توج التى جسدت دور جورديان، الباحثة عن حياة جديدة، فى مدينة حبيبها الذى هجرها.

 

بناء الفيلم ينهض على شخصية الراوى، البطل، مما يعطى للعمل قدرا لا يستهان به من الحميمية، يزداد دفئها بتلك الصراحة والصدق التى يتسم بها «يوسف»، فهنا، يأتى حديثه أقرب إلى «المنولوج» الداخلى، حيث شجاعة الاعتراف للذات، بعيدا عن الرغبة فى تجميل صورته أمام الآخرين.. يسير الفيلم فى خطين. أحدهما ما يجرى فى الواقع، داخل التاكسى، فى أحشاء المدينة، فمن راكب سكران، يريد اصطياد امرأة، إلى عجوز مشاكسة ترفض النزول من السيارة إلا أمام بيتها بينما الزحمة أو «العجأة» ــ حسب التعبير اللبنانى ــ ستجعلها تصل بعد عدة ساعات. تأتى هذه الشخصات العابرة، متمتعة بخصوصية فريدة، شكلا وموضوعا، يعززها توجيه المخرج لأداء الممثلين.

 

أما خط الفيلم الثانى، فيتمثل فى ذكريات «يوسف» الأقرب للفلاش باكات، تتوارد أمامنا على نحو نموذجى، تتواءم تماما مع الموقف الذى يستدعى المشهد القديم. فحين يضع راكب «شبيح» مدية، فى ظهر السائق، طالبا المال، يتراءى لبطلنا صورة فتوة الضيعة «كارلو»، الذى قهر خصومه، كما أن «يوسف» يتمنى أن يكون فى جبروت «كارلو».. صور «يوسف» صبيا، تذكرنا بالأفلام الإيطالية الجميلة، فهو مشاكس، يدخن السجائر، وبشجاعة، يعترف بسرقة نقود صناديق نذور السيدة العذراء.. التفاصيل الصغيرة، فى الفيلم، تجعله عملا كبيرا، فعلى سبيل المثال، يلفت نظر بطلنا ذلك الديك الرائع الجمال، يسأل والدته عنه، تخطره أنها لا تعرف صاحبته، ولكن جاء واستقر هنا منذ عدة أيام. إذا أخفت لكل هذا شريط الصوت المعبر عن المواقف والموسيقى المصاحبة الملائمة للزمان، شذرات من محمد عبدالوهاب قديما، إلى فيروز وعبدالحليم حديثا، سيزيد إعجابك.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات