البلد رايحة فى ستين داهية - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 5:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البلد رايحة فى ستين داهية

نشر فى : الثلاثاء 17 أغسطس 2010 - 12:56 م | آخر تحديث : الثلاثاء 17 أغسطس 2010 - 12:56 م

 أثناء افتتاحه لمحور صفط اللبن وأمام الكاميرات والميكروفونات سأل الرئيس مبارك الوزراء الحاضرين تعليقا على أزمة القمح الروسى: ألم أنبه إلى هذه المشكلة منذ خمس أو ست سنوات؟ فانبرى له أحد الوزراء قائلا إننا لا نستطيع التوسع فى زراعة القمح لأنه سيستنزف كل حصة مصر من المياه، ثم أمن رئيس الوزراء أحمد نظيف على الكلام أمام الجميع، وسلامه عليكم.. عليكم السلام!

وأظن أن أى طالب فى سنة أولى زراعة يعلم يقينا أن القمح برىء من شبهة الاتهام بإهدار ثروتنا المائية، لكن الوزير لم يجد غضاضة فى هذا الرد على سؤال الرئيس.

إذن.. هناك توجه أساسى لدى المجموعة التى تحكم مصر حاليا ضد أى تفكير فى زراعة القمح وارتكاب خطيئة محاولة تحقيق الاكتفاء الذاتى منه، ومن ثم فإن الأمر أخطر من أن هناك مافيا استيراد تحارب زراعة القمح، بل إن الأفدح من ذلك أن الذين يحكموننا لا يريدون أن نزرع القمح.

وليس أدل على أن الموضوع أكبر من مجموعة من المستوردين أن وزير زراعة مصريا محترما هو المهندس أحمد الليثى لم يعمر فى موقعه أكثر من 18 شهرا لأنه تجرأ وأعلن أنه يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، وعليه فإن عدم زراعة القمح فى مصر تبدو قرارا سياسيا بالأساس وليست مجرد مسألة فنية،

وإليكم هذه القصة: أثناء مفاوضات الحكومة المصرية مع الأمريكان بشأن اتفاقية التجارة الحرة والتى تولاها الوزيران رشيد محمد رشيد ويوسف بطرس غالى، عاد كلاهما من أمريكا وأدليا بتصريحات مفادها أن واشنطن غير مرتاحة لوجود وزير زراعة مصرى يتحدث كل يوم عن الاكتفاء الذاتى من القمح، وهو الأمر الذى يثير غضب المزارعين الأمريكان.. وقد كان.. تم إجلاء أحمد الليثى عن وزارة الزراعة.

الطريف وكما كشف لى الوزير الليثى فى دردشة رمضانية أنه بعد خروجه من الوزارة بأقل من أسبوع أعلن الوزير الذى حل محله أمين أباظة بكل فخر أننا لسنا بحاجة لتبنى سياسة الاكتفاء الذاتى من القمح طالما لدينا أموال نشتريه بها.

الكارثة الحقيقية التى يحذر منها أحمد الليثى مشددا على أن البلد رايحة فى ستين داهية لو لم نتنبه لمشكلة القمح أن العالم على مشارف مرحلة جديدة لن تكون فيها الفلوس كافية للحصول على القمح.

وإليكم حكاية أخرى رواها لى الوزير أحمد الليثى: فى عام 2005 كلف الليثى رئيس شركة أبى قير للأسمدة بإنتاج مركب سماد مخصص للقمح فقط، وبالفعل تم إنتاجه فى شكائر مكتوب عليها «يزيد إنتاجية القمح بنسبة 15 فى المائة» فماذا حدث؟ بعد خروج الليثى أو إخراجه من الوزارة جاء وزير الصناعة وطلب من رئيس شركة أبى قير أن ينسى هذا الموضوع لأن هذه العبارة على الشيكارة تثير غضب الأمريكان وتستفزهم، وبالفعل ألغى مشروع إنتاج السماد!

وبرأى الليثى أن الوحيد الذى كان قادرا على تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح فى مصر هو وزير الزراعة الذى سبقه يوسف والى، بحكم أن الأخير قضى 23 عاما فى الوزارة مدججا بترسانة هائلة من النفوذ السياسى باعتباره كان الأمين العام للحزب الوطنى والرجل الأقوى فى كل الحكومات التى تعاقبت عليه، غير أنه عن عمد ومع سبق الإصرار لم يفعل، لم يسمح لمصر بأن تكتفى ذاتيا من قمحها.. وللحديث بقية.

وائل قنديل كاتب صحفي