كيف يمكن الحفاظ على صورة القوات المسلحة؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف يمكن الحفاظ على صورة القوات المسلحة؟

نشر فى : السبت 17 سبتمبر 2016 - 9:10 م | آخر تحديث : السبت 17 سبتمبر 2016 - 9:10 م
أسوأ نتيجة يمكن أن يتمخض عنها الجدل الدائر الآن بشأن النشاط الاقتصادى للقوات المسلحة، هى الإساءة إلى صورة ودور هذه المؤسسة الوطنية.

ولذلك، فقد صار واجبا على الجميع دولة وحكومة ومجتمعا مدنيا ووسائل إعلام أن تبحث عن صيغة مثلى قدر الامكان تحفظ فيها هذه الصورة الطيبة وتوقف تشويهها.

الكلمات التالية، محاولة للبحث عن مخرج عملى وسريع يمنع وينهى استخدام الصراع السياسى الطبيعى والمشكلة الاقتصادية فى الإساءة إلى صورة الجيش الذى نحرص على أن تظل نظيفة وناصعة البياض.

ليتخذ كل انسان موقفه الخاص من هذه القضية. موقفى الشخصى كتبته فى هذا المكان يوم الخميس ٢٩ أكتوبر ٢٠١٥ تحت عنوان «لا تورطوا الجيش فى مستنقع المحليات»، ردا على مطالبة بعض حسنى النية بضرورة توسع الجيش فى الإشراف على جميع مناحى الحياة المدنية بسبب انضباطه وسرعته، مقابل ترهل الجهاز الإدارى للدولة وصور الفساد الكثيرة فيه.

يومها قلت إن الوظيفة الأساسية للجيش هى حماية الحدود، وأن أعداء مصر والمتربصين بها يحاولون استنزاف القوات المسلحة فى سيناء وغيرها، وهو ما يتطلب توفير كل الإمكانيات للجيش لمواجهة هذه التحديات». قلت أيضا إن توسع الجيش اقتصاديا سيعنى القضاء عمليا على أى قطاع مدنى وتعطيله عن أداء دوره بدلا من إصلاحه، وسيورط الجيش فى مشاكل داخلية معقدة، وختمت المقال بالقول: «على من يطالبون بتدخل الجيش لإدارة كل شىء أن يسترجعوا تجربة عبدالحكيم عامر فى الستينيات، التى كانت نتيجتها كارثة ٦٧».

قلت ذلك فى ٢٩ أكتوبر الماضى وأكرره اليوم، علما بأن القوات المسلحة عموما والهيئة الهندسية، خصوصا نفذت العديد من المشروعات المدنية الاستراتيجية العملاقة خلال السنوات الثلاث الماضية سواء أكانت طرقا أم جسورا أم استصلاح اراضٍ أم حتى بناء مدن متكاملة، ولم يكن ممكنا تنفيذها فى ظل الظروف التى مر بها القطاع الادارى للحكومة، وهو الامر الذى يستوجب شكر القوات المسلحة.

قبل أيام قال لى مصدر أثق فى حسن إطلاعه إن القوات المسلحة تتعاقد على صفقات بأسعار أرخص وبنسب تصل إلى ٢٠٪ مقارنة بالقطاع المدنى حتى بعد خصم قيمة الضرائب، والجمارك والرسوم وكل شىء، والسبب أنها تقدم خطابات اعتماد جاهزة، ولا توجد بها «تعريفة الفساد» الموجودة فى أماكن أخرى.

يمكن تفهم دور القوات المسلحة اقتصاديا فى الأوقات الطارئة التى نعيشها، ولابد من شكرها وتقدير دورها على كل ما فعلته، وإسهامها فى حل الكثير من المشكلات الملحة.

لكن النقطة الجوهرية التى أطرحها للنقاش اليوم هى أن تشكل رئاسة الجمهورية بالتعاون مع القوات المسلحة والحكومة لجنة مصغرة تعيد تقييم مشاركة القوات المسلحة فى النشاط الاقتصادى، وتخبر المصريين بكشف حساب لما قدمته المؤسسة، وما وفرته للاقتصاد القومى، وما هى المزايا والعيوب الناتجة عن هذا الأمر؟.

من المهم أن يتم إطلاع الشعب على كل الحقائق ــ التى لا تمس الأمن القومى ــ بصدد هذه القضية، وأن يكون واضحا أن دور القوات المسلحة المؤقت، لا يغنى عن إصلاح عيوب القطاع المدنى بحيث يضطلع كل بدوره الطبيعى، وعلينا ان نناقش ايضا، هل أثرت هذه المشاركة للجيش على حجم الاستثمار المحلى والأجنبى أم لا؟!.

فى هذا الملف فان الصائدين فى الماء العكر كثيرون، فى الداخل والخارج، والبعض فى الخارج يتحرك بسوء نية منقطع النظير لتفكيك الجيش المصرى كما حدث لجيوش أخرى بالمنطقة، والبعض الآخر فى الداخل لا ينسى موقف الجيش الذى انحاز للشعب فى الثورتين، خصوصا ٣٠ يونيو، أما الأسوأ فهو أن بعض المواطنين البسطاء بدا للأسف يصدق شائعات فى غاية الخطورة، خلاصتها أن سبب معظم مشاكلنا هو النشاط الاقتصادى للجيش.. فهل نتحرك قبل فوات الأوان؟.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي