مسابقة العمال يا وزير الأوقاف - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 2:49 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مسابقة العمال يا وزير الأوقاف

نشر فى : الإثنين 18 مايو 2015 - 9:10 ص | آخر تحديث : الإثنين 18 مايو 2015 - 9:10 ص

أكتب اليوم عن شباب مصريين أحلامهم أبسط من البساطة نفسها، لا يطمحون فى أن تعينهم الدولة قضاة أو دبلوماسيين أو ضباطا، بل يريدون أن يصبحوا «عمال نظافة».. شباب ابتعدوا بأنفسهم عن جدلنا العقيم بشأن تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص؛ فغاية أمانيهم «لقمة مغموسة بعرق الجبين»، و«جنيه بالحلال»، و«شغلانة تفتح البيت».

قصة هؤلاء الشباب بدأت عندما أعلنت وزارة الأوقاف قبل عدة أشهر عن مسابقة لتعيين عمال بالمساجد فى جميع محافظات الجمهورية من حملة الشهادة الإعدادية، بموجب إعلانها رقم (1) لسنة 2015، الذى قالت فيه إنها «بحاجة لشغل عدد 4258 وظيفة عامل مسجد بالدرجة السادسة والدرجة الخامسة خدمات معاونة بالمديريات الإقليمية»، ثم أتبعت هذا الإعلان بآخر يؤكد على أن الوزارة ستلتزم فى هذه المسابقة بتعيين نسبة الـ5% من ذوى الاحتياجات الخاصة التى نص عليها القانون، والبالغ عددهم 193 وظيفة، من الحاصلين على الشهادة الابتدائية أو محو الأمية، وهو أمر جيد يحسب للوزارة.

وبمجرد نشر هذين الإعلانين تقدم طوفان من الشباب ــ يقدر بمئات الآلاف ــ بأوراقه عبر موقع وزارة الأوقاف على شبكة الإنترنت، ممن يحدوهم الأمل فى الفوز بوظيفة بسيطة تعينهم على مواصلة الحياة، وتوفر لهم الحدود الدنيا لسد الرمق، خاصة وأن معظم المتقدمين يعيشون فى مجاهل الصعيد وغياهب الدلتا، حيث فرص العمل شديدة الندرة، فلا رقعة زراعية تستوعب جهدهم ولا مصانع بإمكانها تشغيل هذا الكم الكبير؛ فتصبح الوظيفة الحكومية على قلة دخلها قمة الأحلام وسدرة المنتهى لهؤلاء البسطاء، الذين لم ينالوا قسطا وافرا من التعليم، ويعانون من شظف العيش هم وذووهم الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف.

وبالإضافة إلى ذلك فإن اندفاعهم نحو هذه الوظيفة البسيطة سببه أن بعضهم جرب العمل فى القطاع الخاص، وكانت تجربته فيه «أمر من العلقم» على حد تعبير شباب منهم، فما أسهل أن يطرد الشاب من هؤلاء من عمله بمجرد أن البيه صاحب المصنع لم يعجبه شكل ذلك الشاب، فى ظل قوانين عمل عنصرية، تحول العامل من إنسان حر له حقوق وعليه واجبات إلى «عبد» يعمل بالسخرة، يطرد من عمله فى أى وقت ودون أى حقوق.

وزارة الأوقاف سارعت من جهتها بإعلان أسماء الفائزين بالمسابقة فى محافظة الإسكندرية فقط، وهو ما جن جنون الشباب الذى تقدم لشغل هذه الوظيفة فى بقية المحافظات. تكاد تفلت الدمعة من عينيك عندما تقرأ تعليقاتهم المكتوبة بلغة بسيطة وأخطاء إملائية واضحة تعبر عن مستواهم التعليمى المتواضع على الموقع الإليكترونى لوزارة الأوقاف.. فهذا يصرخ متى نتيجة المقبولين فى سوهاج؟ وآخر يسأل عن نتيجة الشرقية وثالث يسأل عن أسيوط.. إلخ.. ولكن دون مجيب.. والسؤال الذى يحير الجميع.. لماذا إعلان نتيجة الإسكندرية فقط ؟!

أعرف أن وزارة الأوقاف فى موقف لا تحسد عليه، فمن بين هذه الألوف المؤلفة لن تختار إلا العدد الذى أعلنت عنه والذى تحتاجه بالفعل (4258 عاملا)، لكن وبالرغم من ذلك نرى أنه يتحتم على الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن يسارع بتحديد موعد نهائى للإعلان عن أسماء الفائزين بهذه المسابقة، كى يرحم هذه الأعداد الغفيرة من شبابنا من عذابات الانتظار، وأحيانا «عطل الحال»، فتأكد الشاب من أن الوظيفة ليست من نصيبه هو ماسيدفعه للبحث عن فرصة أخرى لتمضى الحياة.

التعليقات