الابتزاز أولًا والدستور ثانيًا - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 7:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الابتزاز أولًا والدستور ثانيًا

نشر فى : السبت 18 يونيو 2011 - 8:28 ص | آخر تحديث : السبت 18 يونيو 2011 - 8:28 ص
هذه الثورة ليست مدينة لأحد، بل الكل مدينون لها بالكثير، ومن أراد أن يكون مع هذه الثورة حقا فليعرف أولا معناها ويتركها تكتمل دون أن ينقض عليها ويقتطف الثمار قبل أن تنضج.

إن الذين يعتبرون المطالبة بالدستور أولا نوعا من الارتداد على الاستفتاء العجول، يمارسون شكلا من أشكال الابتزاز السياسى، ويتصرفون وكأن الـ18 مليونا الذين أدلوا بأصواتهم فى الاستفتاء والذين يتحدثون باسمهم آناء الليل وأطراف النهار أسرى وسبايا عندهم، منحوهم توكيلا على بياض يستخدمونه كيفما شاءوا.

كما أن المطالبة بدستور أولا لا تعنى على الإطلاق التعبير عن خوف من اكتساح تيار معين أى انتخابات تجرى على نحو متسرع، ذلك أن ثورة تعنى دستورا جديدا كاملا تسير على ضوئه البلاد، فالضرورة الثورية كانت تقتضى وضع دستور بديل للدستور الذى قامت من أجل إسقاطه الثورة.

 والحاصل أن مطلب الدستور أولا لا يخص الذين قالوا لا للتعديلات الدستورية، فقد انضم إلى هذه الدعوة كثيرون ممن اكتشفوا أن نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية لم تحظ بالاحترام الكافى، وجرى استخدام نسبة الـ77 بالمائة فى تمرير أشياء أخرى باسم الاستفتاء، بل أنه تم إقرار قوانين بشكل متسرع تتقاطع مع الإعلان الدستورى، كما أنه ثبت بعد مرور شهور على الإعلان الدستورى أن البلد لم يصل إلى شاطئ الاستقرار كما قيل، بالإضافة إلى أن العديدين اكتشفوا أن الذهاب إلى المستقبل بهذا الشكل يحمل تهديدا خطيرا له.


وقبل ذلك وبعده فإن ملابسات إجراء الاستفتاء لم تكن واضحة وشفافة كما ينبغى، حتى وإن سلمنا بأن عملية الاستفتاء ذاتها جرت بشكل بعيد عن التزوير، فقد أخذ الناس على حين غرة، ولم تعلم قطاعات عديدة ممن خرجوا ما هو المطلوب التصويت عليه بالتحديد، ومن باب التكرار الممل الإشارة إلى اختلاط الدينى بالسياسى فى الحملات المصاحبة للذهاب إلى الصناديق، فقد تحدثت بذلك الركبان.

أما أن يحاول البعض ممارسة الابتزاز وتصوير الأمر وكأن نخبة تريد الانقضاض على إرادة الشعب فهذا هو البهتان بعينه، أو قل مواصلة السباحة فى بحر من الخداع والتضليل.

وكما قلت فإن أحدا لا يصادر حق أحد فى حصد ما يشاء من مكاسب سياسية، لكن مواصلة حرق المراحل والقفز بأسرع من اللازم من شأنه أن يبدد ما تبقى من ثورة يتحدث الكثيرون عن أنها تتعرض لعمليات إذابة وصهر فى مراجل الاستعجال والشكلانية.

وقد ثبت الآن أن هناك الكثير مما يستحق الاهتمام أكثر من التسريع بانتخابات برلمانية، بينما التربة لم تتهيأ بعد للبناء فوقها، فمازالنا مشغولين بمتابعة فقرات العرض الفقير دراميا «تجديد حبس فلان ومنع زوجة وأبناء علان من السفر»، وبالمناسبة لماذا اختفت أو احتجبت أخبار شرم الشيخ والرئيس المخلوع من وسائل الإعلام؟

 

وائل قنديل كاتب صحفي