عصر بثينة كشك - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:07 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عصر بثينة كشك

نشر فى : الأحد 19 أبريل 2015 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 19 أبريل 2015 - 8:00 ص

لو كنت مكان المسئولين الذين ارتكبوا جريمة حرق الكتب فى مدرسة فضل الخاصة بالجيزة قبل أكثر من أسبوع لخجلت من نفسى وانزويت جانبا بل لاعتزلت المجتمع إلى الأبد أو على الأقل حتى يتم نسيان هذه الجريمة النكراء.

فى أى مجتمع صحى فإن ما حدث هو كارثة بكل المقاييس. أما الكارثة الأكبر فهى أن المجرمين لا يعرفون حتى الآن أنهم ارتكبوا جريمة فى غاية البشاعة، والدليل أن بعضهم تظاهر بالأمس السبت أمام وزارة التعليم دفاعا عن بثينة كشك، وكيل الوزارة، والبطلة الأولى للجريمة.

السيدة بثينة لا تزال تعاند وتتخبط حيث قالت فى تصريحات صحفية يوم الثلاثاء الماضى: «إن الكتب المضبوطة لم تكن فى القائمة المسموح بها للمكتبات المدرسية، وأنه تم تسريبها إلى مكتبة المدرسة بطريقة غير قانونية، وأن التعليمات الأمنية تقضى بإعدام الكتب الخارجة عن المألوف وليس فرمها، ومن هنا كان اللجوء لعملية حرق الكتب بعد التأكد من مخالفة مضمونها لمبادئ الإسلام المعتدل».

وقالت كشك: «إن الهدف الأساسى من الحرق داخل المدرسة لتكون عبرة لحظر أى أفكار متطرفة، وأنه تم التأكد من وجود بعض المؤلفين المُعادين للوطن مثل على القاضى، والبعض ينتمى لجماعة الإخوان مثل رجب البنا ومحمد محمد المدنى!!!!!!!».

كل كلمة فى هذه التصريحات هى جريمة جديدة ضدها، وينبغى أن يتحرك المجتمع فورا ليحاكمها بتهم كثيرة جدا أولها الجهل المدقع والانتماء لداعش دون أن تدرى!.

رغم ذلك فالحقيقة المرة أننى صرت مشفقا على هذه السيدة وأعوانها. فى البداية كنت شديد النقمة عليها، وبعد تفكير طويل أدركت أنها ضحية لجهل وتفاهة ومرض وتخلف ونفاق غالبية هذا المجتمع.

هى تعلمت فى مدارس مبارك المكتظة بالتلاميذ وحصلت على شهادة مثل الملايين يمكن تعليقها على الحائط دون أن يكون لها قيمة حقيقية. ومن سوء حظ المجتمع العاثر أن التدرج الوظيفى الروتينى جعل هذه السيدة مسئولة عن تعليم الأطفال وتنمية عقولهم. المناخ الذى نشأت فيه كشك جعلها تؤيد مبارك والتوريث، وتؤيد الإخوان والتمكين، وتؤيد السيسى بل وتزايد عليه بعملية حرق الكتب، حتى تثبت أنها مواطنة صالحة وبالتالى تنال منصبا أفضل أو ترقية جديدة.

عندما تعلن هذه السيدة أن رجب البنا كاتب إخوانى، فالمؤكد أنها «تلوش وتغلوش»، وعندما لا تفرق بين عبدالحليم محمود وسيد قطب فهذا يعنى أنها لم تقرأ كتابا جادا فى حياتها، أما عندما تقوم بحرق كتاب لسمير رجب بحجة أن المؤلف متطرف، فالمعنى الوحيد لهذا التصرف الأحمق أنها لا تعرف شيئا عن أى شىء!!!.

لكن هل تعلمون ما هو الأسوأ فى كل هذه القصة الكارثية؟.

هو أن هذه السيدة ليست نموذجا استثنائيا ندينه فينتهى الأمر.. هى حالة عادية جدا موجود مثلها ربما الملايين ، وبالتالى وبعد أن نحاكم السيدة ونوقع عليها أى عقاب، علينا أن نفكر فى السؤال الجوهرى وهو: ماذا سنفعل مع ملايين من النماذج المشابهة التى تعشعش فى أروقة الجهاز الإدارى المصرى المترهل؟!!.

علينا أن نقلق لأن نموذج كشك هو أفضل بيئة لتواجد وتمدد داعش، ولا يوجد فرق كبير بينها وبين أى متطرف إخوانى أو سلفى أو إرهابى، كل منهم قرر أن يلغى عقله أو يسلمه للآخرين.

مرة أخرى نموذج كشك أخطر على الحكومة والرئيس ومصر كثيرا جدا من خطر الإرهابيين وكل أعداء الوطن، لأنها ببساطة تدمر النظام من داخله لحساب كل أعداء الخارج من دون أن تدرى.. فكيف يمكن تحييد هذا الخطر الذى يعيش بيننا؟!!..

بالمناسبة لو كنا منصفين فإن المتهم الأول فى هذه الجريمة هو حسنى مبارك ونظام تعليمه فهل أدركنا الآن خطورة ما فعله مبارك؟!!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي