المدينة مسئولية - أحمد برهام - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 2:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المدينة مسئولية

نشر فى : الجمعة 19 يونيو 2015 - 10:35 ص | آخر تحديث : الجمعة 19 يونيو 2015 - 10:35 ص

«مدينتى مسئوليتى» لفت نظرى عنوان هذه الجلسة من جلسات المنتدى المصرى الحضرى الأول. كانت الجلسة فى حديقة الازهر بالدراسة. فى الطريق إلى هناك وخلال طريق صلاح سالم المزدحم عند التقاطع مع شارع أحمد سعيد بدأ سائق التاكسى فى الحديث عن وجهة نظره لحل هذا الاختناق المرورى. كان يرى أن الحل يكمن فى فصل حركة الذاهبين إلى صلاح سالم عن الذاهبين إلى نفق الأزهر عن طريق شارع أحمد سعيد. بغض النظر عما إذا كان هذا الاقتراح قد ينجح أم لا فالشاهد هنا هو قوله بأن من يمضى وقته كله سائقا فى الطرق المصرية قد يملك بعض الحلول الواقعية لمشاكل المرور والتى قد تغيب عن الكثير من المخططين.

وصلت إلى الخيمة المقام بها الجلسة والتى تنظمها حملة «World Urban Campaign» أو الحملة الحضرية العالمية وهى منصة تدعو للشراكة من أجل المدن فى القرن الحادى والعشرين.

تهدف الحملة إلى وضع جدول الأعمال الحضرى على أعلى مستوى فى سياسات التنمية. الحملة ينسقها مسئول الأمم المتحدة ويقودها عدد كبير من الشركاء الملتزمين من مختلف أنحاء العالم. «أنا أغير المدينة» هو عنوان الدعوة للحملة الحضرى العالمى حيث الهدف رفع مستوى الوعى حول التغير الحضرى الإيجابى من خلال إشراك المواطنين فى التعبير عن قضايا وحلول لتغيير المجتمعات الحضرية.

كان الهدف من هذه الجلسة هو إطلاق حملة محلية، من المتوقع أن يعلن عنها خلال الفاعليات الختامية للمنتدى، كجزء من الحملة العالمية. دارت النقاشات فى سبيل الوصول لخارطة طريق تحدد معالم الحملة المحلية حول محورين أساسيين. أحدهما كان حول الفاعليات الممكنة لجذب المواطن للانخراط فى القضايا العمرانية التى هو أهم طرف فيها.

خلال هذا السياق عرضت لتجربة سابقة كانت قد نظمتها مبادرة عمرانية تسمى«Cairo from Below» القاهرة من الأساس» (الكاتب عضو مؤسس بها) وهى تنظيم مسابقة أفكار بعنوان مستقبلنا العمرانى متاحة لغير المتخصصين لتقديم اقتراحات حلول حول المشكلات العمرانية التى تعانى منها المدينة. كانت المسابقة، والتى من المزمع إطلاق الجزء الثانى منها قريبا، تدور حول محاور أساسية منها البنية التحتية، المواصلات العامة، التراث المعمارى والمساحة العامة. الملفت للنظر أن غالبية من شاركوا فى هذه المسابقة كانوا من غير المتخصصين فى مجال العمارة والتخطيط وكانت المشاركات فى تناولها لهذه المحاور تتراوح بين حلول رؤيوية على مستوى استراتيجى وبين حلول واقعية لمشاكل بعينها فى أحياء بعينها. تلك المسابقة وغيرها من الفاعليات المقترحة ليس هدفها فقط رفع مستوى وعى المواطن بالقضايا العمرانية وليس فقط إشراكه فى عمليات اتخاذ القرار ولكن الاستفادة من خبراته التى اكتسبها ليس بالدراسة ولكن بالتعامل اليومى المُضنى مع المدينة.

***

وهذا يقودنا للمحور الآخر للنقاش فى هذه الجلسة ألا وهو اسم الحملة حيث كان المقترح المبدئى هو «مدينتى مسئوليتى». هذا الاسم أثار تساؤلات من نوع مدينة من؟ ومن هو المسئول عنها وأى نوع من المسئولية؟ فهل هى مدينة المواطن وهو المسئول عنها مما يعفى المسئول الحكومى عنها أم هى مدينة المصمم والمخطط وهو يتحمل كل المسئولية عنها أم تراها تكون مسئولية صانع القرار فهو فى آخر الأمر يعيش فى هذه المدينة حتى ولو كان ذلك فى مجتمعات مسورة على أطرافها.

ذهبت علّْى أجد ما انشده من مشاركة فعلية للمواطن غير المتخصص. وبالفعل وجدت حضورا جيدا من فئات متعددة لا زال الغالب عليها المتخصصين من أجيال مختلفة ولكن الملفت وجود مواطنين غير متخصصين سواء كانت سيدة بسيطة من قرية مصرية أو رجل منخرط فى مبادرات تنموية عديدة فى قريته أو حتى مواطنين متحمسين لعرض أفكارهم حتى وان كانوا غير منخرطين فى أية مبادرات على الأرض. خلافا لما توقعته ادلى المواطنين بآرائهم ولكنى لم أر مسئولا حكوميا أو صانع قرار واحدا فى الجلسة ليستمع لهم أو يناقشهم.

***

فى طريق العودة إذ بى أجد سائق تاكسى آخر يناقشنى حول اتوبيسات النقل العام وهل كان من الأجدى أن تقترض الحكومة اتوبيسات جديدة من الدول الشقيقة أم كان من الافضل عمل صيانة دورية للأتوبيسات القديمة حتى لا تبلى بل كان من الأجدى استغلال تكلفة الاتوبيسات الجديدة، والتى توقع أنها سوف تعامل نفس معاملة سابقاتها، فى تجديد ورش الصيانة نفسها كحل أكثر استدامة. عند وصولنا مدينة نصر ذكر الترام الذى كان وكيف أن دول العالم تتجه نحو تقليل استخدام السيارات الخاصة ودعم المواصلات العامة فإذا بالحكومة بدون سابق انذار تنتزع بنية تحتية غالية الثمن لتحولها إلى خردة بدعوى انشاء مترو سريع يربط مدينة نصر بالقاهرة الجديدة بدلا من صيانة عربات الترام القديمة بنفس الكلفة لتظل تربط مدينة نصر بمصر الجديدة وحتى رمسيس. وتساءل هل تخصيص مكان الترام القديم كطريق خاص للأتوبيسات العامة فعلا يعتبر حقيقة تحسين للأداء والخدمة أم هو حل قاصر ينتهى مفعوله بانتهاء الطريق على حدود مدينة نصر لينخرط الأتوبيس براكبيه مرة أخرى فى زحام المدينة!

من الواضح أن المواطن يشعر فعلا بمسئوليته تجاه مدينته لكن السؤال هو متى يستمع له صانع القرار شريكه فى المسئولية ويأخذ وجهة نظره فى الحسبان قبل المضى فى تنفيذ قرارات لا طائل من ورائها يتراجع عنها فى كثير من الأحيان والشواهد على ذلك كثيرة قد نتعرض لها فى مقالات أخرى. كنت أرى فى هذا المنتدى الفرصة لهذا اللقاء.

أحمد برهام مصمم معماري وباحث عمراني
التعليقات