المؤتمر لمن؟ - أحمد برهام - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المؤتمر لمن؟

نشر فى : الإثنين 15 يونيو 2015 - 9:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 15 يونيو 2015 - 9:15 ص

خلال هذه الأيام ينعقد الملتقى العمرانى المصرى.. وكمهتمين بشئون الإسكان والعمران، فكلنا يعرف مدى أهمية هذا المؤتمر ومدى فداحة المشكلات العمرانية التى سوف يطرحها خلال اجتماعاته. لكن هل يدرك هذا المواطن المصرى سواء كان عاملا باليومية أو موظفا حكوميا الذى سيشترى هذه الجريدة فى الصباح الباكر وهو فى الطريق المزدحم لعمله سواء كان ذلك بالمواصلات العامة أو بالسيارة.

هل يدرك هذا المواطن أهمية هذا الملتقى بالنسبة له ولحياته اليومية فى هذه المدينة القاهرة.

هل من الممكن مثلا أن نتخيل أن مواطنا سمع عن هذا المؤتمر فقرر أن يذهب ليحضر إحدى المناقشات فماذا تراه سيسمع وهل ترى اللغة ستكون مناسبة له كشخص غير متخصص بالرغم من أنه الطرف الرئيسى فى الموضوع أم ترى إن أراد أن يتدخل فى النقاش فهل سيكون له مجال لعرض وجهة نظره والاهتمام بها. لذلك فالسؤال الذى يطرح نفسه بإلحاح من سيلتقى بمن خلال هذا المؤتمر ولماذا؟!

***

دعونا نبدأ أولا باستعراض كيف يعرض الملتقى نفسه للجمهور حتى نعرف بمن يهتم القائمون على تنظيمه بتواجده والاستماع لرأيه.

أولا، بالنظر للموقع الالكترونى الرسمى فاللغة المستخدمة هى الإنجليزية ولا يوجد ترجمة عربية. فهل هذا مقصود؟! أم أن المؤتمر يخاطب المؤتمر العالمى للعمران أكثر مما يهتم بالمصريين الذين فى غالبيتهم لا يفهمون من الإنجليزية إلا القليل.

ثانيا، إذا قمنا بالاطلاع على قائمة الأطراف المعنية المدعوة للحضور فسنجد أنها ضمت المسئولين الحكوميين من وزراء وممثلى وزارات كالإسكان والتطوير الحضرى ورؤساء مؤسسات عامة كمركز بحوث الإسكان وممثلين عن القطاع الخاص والمؤسسات العالمية. كما سيضم مجموعة من الخبراء الأكاديميين من أساتذة الجامعات الحكومية المختلفة بالإضافة للباحثين العمرانيين الشباب.

ومن الإنصاف هنا أن نذكر أن هذا الملتقى هو فرصة لجيلين من العمرانيين للتواصل والاستفادة من خبرات وتجارب بعضهم البعض. فالجيل الأول هو جيل الأساتذة المخضرمين والخبراء الذى يشغل أغلبهم مناصب استشارية فى وزارات مثل وزارات الإسكان والتطوير الحضرى وغيرهم ممن يشكلون المجالس العليا لهيئات عامة مثل التخطيط العمرانى. أما الجيل الآخر هو جيل من قد نطلق عليهم لقب النشطاء العمرانيين من الباحثين الأكاديميين الشباب والذين كانت لهم تجارب ناجحة فى التعاون مع أهالى القاهرة فى بعض المناطق مثل مثلث ماسبيرو، حيث تم التوصل أخيرا لتوافق بين الاطراف المعنية من مستثمرين وأهالى فى تلك المنطقة بعد شهور طويلة من التصميم والمفاوضات كثمرة لمشروع مواز قامت به مجموعة من شباب العمرانيين تسمى «مدّ» (كاتب المقال هو أحد المؤسسين) وتبنته الدكتورة ليلى إسكندر، وزيرة التطوير الحضرى والعشوائيات، وغيرها مثل رملة بولاق وذلك للعمل على الوصول إلى توافق لحل مشاكل ظلت لعقود طويلة مستعصية على الحل.

***

ولكن لماذا لا نرى ضمن المدعوين ممثلين عن المبادرات الشعبية مثل رابطة أهالى بولاق أبوالعلا وغيرها من التنظيمات الشعبية التى ظهرت فى بدايات عام 2011 للنهوض بالوضع المعيشى لمناطقهم التى عجزت الحكومات المتعاقبة عنتوفير الاحتياجات الأساسية بها. ولقد تطورت تلك المبادرات ونضجت بشكل واضح فى خلال السنين الأربع الماضية وأصبحت على دراية أكثر باحتياجات مناطقهم وقاطنيها، الذين هم منهم، بل والعمل على حل مشاكلهم بطرق بسيطة ومبتكرة دون الاتكال على الدولة أو تحميلها أعباء إضافية والأمثلة على ذلك كثيرة، منها فى مجال جمع المخلفات تجربة جمعية أهلية مكونة من مجموعة من الاصدقاء فى قرية ناهيا بإدارة «مشروع القمامة» لجمع وتدوير القمامة على مستوى القرية. أما فى مجال توفير المياه الصالحة للشرب فقد قام مجموعة من الأفراد فى قرية من قرى ريف مصر المحرومة من مياه الشرب النقية بإنشاء مجموعة من المحطات الخاصة لتحلية المياه وبيعها فى جراكن لسكان القرية وذلك باستئجار محل صغير به مصدر مياه وكهرباء وتجهيزه بمجموعة من الأجهزة والفلاتر التى تشبه فى مراحلها محطات التحلية الكبيرة ولكن الاختلاف هو أن المشروع يعمل على تحلية مياه الحنفية التى اختلطت بمياه الصرف الصحى. والتجارب الشعبية فى توفير احتياجات السكان الأساسية بدون الاعتماد على الدولة كثيرة ولكنها تحتاج للنظر فيها ودراستها باهتمام. كما يمكن الاطلاع على تجارب أكثر فى قسم التجارب العمرانية على موقع مبادرة «تضامن».

إذا كان من الأهداف المعلنة للمؤتمر إقامة حوار مفتوح حول التحديات العمرانية التى نواجها يشترك فيه جميع الأطراف وأصحاب المصلحة، أليس من الطبيعى دعوة تلك المبادرات الشعبية وإعطاؤها فرصة لعرض تجاربهم أمام المتخصصين جنبا إلى جنب مع المبادرات الأجنبية المدعوة لعرض تجاربهم الناجحة، بحسب وصف المؤتمر، فى إدارة العمران وحل مشاكل الإسكان. قد يكون عرض هذه التجارب المحلية أقرب للوصول إلى حلول أوفق مع الوضع والطبيعة المصرية كما قد يعطى المتخصصين الفرصة للتعلم من تلك التجارب ودعمها بخبراتهم الفنية بل ومن الممكن أن تتبناها الدولة رسميا كما حدث من قبل فى منطقة المعتمدية عندما بادر السكان بإنشاء وصلة من الطريق الدائرى لقريتهم اعتمادا على الجهود الذاتية ثم استكملت الدولة الوصلة بالطريق الرئيسى وألحقت بها نقطة مرور رسمية.

من بين الأهداف أيضا، التى أعلن أن من أجلها أقيم المؤتمر، هى التمكن من فهم ومراقبة أفضل لمشاكل الإسكان والعمران التى تواجه الدولة على المستوى القومى. والتساؤل هنا هل الوصول لهذا الفهم سيتم باجتماع مجموعة من الخبراء والمتخصصين فى غرف مكيفة منعزلة عن واقع الناس، يغيب عنها المواطن المصرى البسيط بشخصه ويتحدث بالنيابة عنه آخرون لا يعلمون مقدار معاناته اليومية فى المدينة. ولكن الجدير بالذكر هنا أن برنامج المؤتمر يتضمن ما يسمى الجولات العمرانية ونأمل أن تكون طبيعة هذه الجولات من النوع الذى يسمح بالتفاعل بين الخبراء والمواطنين فى الشارع المصرى وألا تقتصر على جولات فى أتوبيسات سياحية مكيفة يتأمل فيها المتخصصون فى مجال العمران والمسؤولون عنه حياة المواطن من وراء الزجاج!

***

لم يكن الهدف مما سبق هو الهجوم ولكن فقط لفت الانتباه لنقاط الضعف والسهو التى قد ينتج عنها عدم تحقيق المؤتمر لجميع أهدافه المرجوة.

أحمد برهام مصمم معماري وباحث عمراني
التعليقات