أكبر مفاجآت الإخوان.. الموقف من إسرائيل - سمير كرم - بوابة الشروق
الإثنين 20 مايو 2024 8:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أكبر مفاجآت الإخوان.. الموقف من إسرائيل

نشر فى : الأربعاء 19 سبتمبر 2012 - 8:45 ص | آخر تحديث : الأربعاء 19 سبتمبر 2012 - 8:45 ص

السلطة الإخوانية الحاكمة فى مصر الآن فاجأت الجميع داخل مصر وخارجها بعدد كبير من المفاجآت فى مجالات السياسة الداخلية والخارجية على السواء.

 

لكن مفاجأة السياسة الإخوانية تجاه إسرائيل هى أكبر المفاجآت فى مجال السياسة الخارجية، بل أنها أكبر المفاجآت الإخوانية على الاطلاق. ذلك أن الأمر لم يقتصر على إعلان إلتزام دقيق بل ومطلق بمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، بل أنه تجاوز ذلك إلى إجراءات عملية لتأكيد هذا الالتزام، وتقديم الدلائل لإسرائيل على ان سلطة الإخوان لا تعتزم ادخال اى تغيير او تعديل على الموقف السائد بين القاهرة وتل أبيب منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد فى عام 1979. وفى هذا تذكير بأن التزام نظام السادات الذى وقع هذه الاتفاقات بقى مطلقا ولم يصبه أى اهتزاز حتى عندما قامت اسرائيل بتصرفات دلت على أن إسرائيل انما تطلق لنفسها العنان فى المنطقة العربية استنادا إلى هذا السلام مع مصر. حدث هذا عندما قامت إسرائيل بالإغارة على المفاعل النووى العراقى فى عام 1981 وعندما احتلت ــ للمرة الأولى ــ عاصمة عربية هى بيروت فى عام 1982، وعندما قامت بالدور الأكبر عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا فى عملية إقصاء منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت إلى تونس، اى إلى ابعد مكان ممكن عن خطوط المواجهة بين اسرائيل والمقاتلين الفلسطينيين. وقد استمرت هذه السياسة الإسرائيلية فى تحدى إرادة مصر وارادة العرب مجتمعين استنادا إلى السلام الموقع مع القاهرة.

 

●●●

 

أما استمرار هذه السياسة والعودة إلى اختبار التزام مصر بهذه المعاهدة بعد أن دانت السلطة فى مصر للإخوان المسلمين فإنه يمثل عهدا جديدا فى السياسة الخارجية المصرية وعهدا جديدا فى السياسة الخارجية الإسرائيلية. الأولى تحت شعار استمرار الالتزام والثانية تحت شعار استغلال الالتزام.

 

إن الطريقة التى سلكت بها سلطة الإخوان فى مصر تجاه إسرائيل لم تقف عند حدود إعلان الالتزام بالسلام مع إسرائيل، فقد استجابت سلطة الاخوان المسلمين لضغوط اسرائيلية صريحة فى هذا المجال عندما طلبت من مصر ان تقوم بدورها فى قمع وإزالة التنظيمات المتطرفة فى سيناء. عبأت مصر ما استطاعت ان تعبئ للقيام بهذه المهمة فى شمال سيناء وفى جنوبها. وعندما اعترضت اسرائيل على وجود نوعية معينة من القوات والمعدات والأسلحة المصرية فى سيناء رضخت سلطة الإخوان المسلمين واستجابت للاعتراضات الاسرائيلية وسحبت ما اعترضت اسرائيل على وجوده فى سيناء مع انه كان فى الأصل استجابة لطلب إسرائيلى (...)

 

●●●

 

ويبدو أن إسرائيل سمحت لنفسها بأن تتوقع تراجعا من السلطة الإخوانية عن صفقة أبرمت مع ألمانيا لشراء غواصتين ألمانيتين. هذا على الرغم من أن أسرائيل تسلمت بالفعل ثلاث غواصات ألمانية تسير بالطاقة النووية وهى على مستوى أرفع كثيرا من تلك التى اتفقت مصر على شرائها من ألمانيا. والموقف الإسرائيلى إزاء صفقة الغواصتين أشبه ما يكون باعتراض إسرائيل على الجهود الإيرانية لاكتساب قدرة الطاقة النووية لأغراض سلمية، فيما تمتلك إسرائيل قدرة الطاقة النووية الحربية. ومن المؤكد أن تتوقع إسرائيل ارغام الحكومة الإخوانية المصرية على التراجع عن هذه الصفقة مع ألمانيا مبنى على اساس استجابة هذه الحكومة لضغوط إسرائيل السابقة. ولهذا فإن المتوقع أن تواصل إسرائيل ضغوطها بانتظار تراجع إخوانى، أو افتعال أزمة كبيرة من وراء هذه الصفقة.

 

ولابد فى هذا السياق من ان نلاحظ أن إسرائيل تعتبر نفسها فوق النقد، وهى لا تتردد فى استخدام حيلة الاتهام بالعداء للسامية توجهها إلى اى طرف يمكن ان يبدى نقدا لموقف اسرائيلى هنا او هناك. إن تهمة العداء للسامية جاهزة دائما من جانب المسئولين الاسرائيليين حتى ضد اى فئة من الأمريكيين إذا منحوا انفسهم حق توجيه النقد لاسرائيل.

 

فهل نستنتج من هذا ان السلطة الاخوانية فى مصر تتراجع امام ضغوط اسرائيل نتيجة خشية هذه السلطة من التعرض لاتهامات من قبيل العداء للسامية ــ أو عدم الالتزام بما تعتبره إسرائيل التزاما ابديا حتميا هى التى تقرر اذا كان الطرف الآخر يفى بهذا الالتزام او يقطعه؟

 

إن تجربة صفقة الغواصتين الألمانيتين تشكل اختبارا حقيقيا لابد ان تظهر حكومة الإخوان المصرية قدرتها على مقاومة الضغط الاسرائيلى ضده. ولابد أن تعى إسرائيل أن إعلان الإخوان المسلمين التزامهم بالسلام الموقع معها لا يعنى التسليم الفورى والتلقائى بأنه يحق لإسرائيل أن تعترض على أى مسلك فى سياسة مصر الخارجية أيا كانت علاقته بالسلام المصرى ــ الإسرائيلى. مع ذلك فإن هذا الاختبار ليس أقسى المواقف التى يمكن ان تفرضها إسرائيل امام حكومة الإخوان المصرية. بل الواقع ان هذا الاختبار هو اضعف الاختبارات الممكنة من جانب اسرائيل لسلوك حكومة الاخوان فى مجال السياسة الخارجية. أغلب الظن أن صفقة الغواصتين الألمانيتين ستمر دون أزمة كبيرة لكن إسرائيل ستصر على ان تقبض ثمنا لها من ضغوط اخرى. والضغوط المتوقعة من جانب اسرائيل تجاه الحكومة الاخوانية المصرية كثيرة. سواء فيما يتعلق بسيناء او بغيرها. سواء فيما يتعلق بمدى التأييد المصرى تحت حكم الإخوان المسلمين للفلسطينيين ولقضية فلسطين. سواء فيما يتعلق بأحداث سوريا وفى أى اتجاه تسير.

 

●●●

 

سيأتى الوقت الذى تجد فيه حكومة الاخوان فى مصر نفسها مرغمة على تذكر أن أحد اهداف ثورة 25 يناير يتعلق بالدرجة الأولى بدور مصر العربى والإقليمى وأن هذا الدور يلقى مقاومة اكيدة من جانب اسرائيل وانه لا يتفق اساسا مع التزام السلام معها.  

 

 

سمير كرم  كاتب سياسي مصري
التعليقات