وادعم جيشك على بصيرة - مصطفى النجار - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وادعم جيشك على بصيرة

نشر فى : الجمعة 20 فبراير 2015 - 8:45 ص | آخر تحديث : الجمعة 20 فبراير 2015 - 8:45 ص

تمثل لحظات الحروب التى تخوضها الدول فترة ذهبية لأصوات الهستيريا والهستيريا المضادة، وقدر مصر أنها باتت اليوم فى حرب حقيقية تحيط بها من الحدود الغربية والحدود الشرقية متمثلة فى المجموعات التكفيرية الإجرامية التى تعاظمت قدراتها وصارت تمثل تهديدا مباشرا للأمن القومى المصرى، تدفع مصر ثمن الفوضى التى اندلعت فى بعض الأقطار العربية وأدت لتفكك هذه الدول وسقوطها فى صراعات أهلية دامية.

عقب مجزرة المصريين المسيحيين فى ليبيا والتى أتبعها إعلان مصر عن توجيه ضربة جوية لبعض مواقع تنظيم داعش داخل الأراضى الليبية، تعالت أصوات الهستيريا فى الداخل لتعكس صورة بائسة من النقاش العام الحالى فى مصر والتى لم تستطع التمييز بين ما هو سياسى وما هو وطنى، وبدلا من محاولة الوصول لحالة من التوحد الوطنى الحقيقى والموضوعى فى مثل هذه اللحظات العصيبة إذا بنا نفاجأ بموجات من الصخب المختل تورط فيها بعض الموالين للسلطة وكذلك بعض من يقفون على يسارها.

بدأ الموالون للسلطة على إثر الصدمة القاسية فى مطالبة المعارضين بالصمت والتوقف عن نقد أى سلبيات واعتبار النقد خيانة عظمى لأن مصر تخوض حربا وبدلا من أن تنشغل هذه الأصوات بمناقشة أسباب حدوث المأساة لمنع تكرارها ركزوا فى هجومهم وخطابهم على تخوين المعارضين وتحمليهم المسئولية، وكأن المعارضين هم المنوط بهم حل هذه الأزمات وليس الدولة والنظام الحاكم. على الجانب الاخر انطلقت هستيريا التشكيك فى الحرب التى تخوضها مصر وارتفعت هذه الأصوات عقب الضربة الجوية التى تم الاعلان عنها، وتم توجيه سهام النقد اللاذع للجيش المصرى فقط فى خلط واضح للهوى السياسى المعارض للسلطة أصلا.


•••


هنا لابد أن نتوقف ونشير للخطوط الفاصلة بين ما هو سياسى وما هو وطنى، لأن مصر لا تحتمل هذه المهاترات التى تقدم فرصة ذهبية لكل متربص بمصر لهدم البيت من الداخل استغلالا لشقاق أهله وخلافهم. وأوجه هذا الكلام لكل مؤيد للسلطة وكل معارض لها فالجميع يتحملون المسئولية والوضع الآن يشبه أسرة هناك خلافات بين أفرادها وشب حريق هائل يكاد يلتهم بيتهم ويحرقهم جميعا فماذا يفعلون؟ هل يستمرون فى الشجار وتبادل الاتهامات وإلقاء اللوم على بعضهم البعض حتى تأكلهم النار جميعا وتدمر بيتهم؟ أم يتكاتفون جميعا من أجل إنقاذ بيتهم وأنفسهم من الموت؟ العقلاء سيفعلون الخيار الثانى حتى ينجوا جميعا أما الحمقى فستأكلهم النار وهم فى شقاقهم البغيض.

لكن هل هذا يعنى الصمت التام وترك من يحاول إطفاء الحريق بطريقة خاطئة؟ بالطبع لا لأن الهدف الجماعى هو النجاة من الهلاك وليس معقولا أن نترك أحدهم يقودنا للجحيم بسبب استبداده برأيه ومعالجته الخاطئة للأزمة، وهذا هو التوازن المطلوب، فنحن لن نلتفت للأصوات البائسة والمختلة التى ترفع الشعارات التى سبقت نكسة 1967 (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة) و(الكلام وقت المعركة خيانة) وفى نفس الوقت لن نتعاطف ولن ننضم لخطاب الكراهية ضد الجيش المصرى وتحميله خطايا النظام السياسى الحاكم وسنظل نميز دائما بين ما هو سياسى وما هو وطنى.


•••


ليس مقبولا أن يحول بعضهم حربنا على الارهاب إلى موجات من التطبيل للسلطة وتغييب العقول بدعاية تشبه دعاية الستينيات التى كانت تتحدث عن مئات الطائرات التى اسقطناها للعدو وعن وصولنا إلى تل أبيب بينما كانت الحقيقة أن جنودنا يتم ذبحهم فى سيناء وهم يفرون بعد نكسة دامية فقدنا فيها ثلث مساحة مصر.
لا يمكن أن يعود إعلام النكسة ليحدد مساراتنا ولا يمكن ونحن فى 2015 والأطفال يحملون فى أيديهم قرصا لوحيا يعرفون منه كل ما يحدث حولهم أن نعتمد على هذه الماكينة الاعلامية العفنة التى لا تخجل من الاكاذيب والمبالغة وتستدعى أجواء وهمية وتختلق انتصارات غير حقيقية من أجل نفاق السلطة وتجميل وجهها.

•••


مصر فى خطر داهم وميلشيات قطع الرءوس إذا دخلت بلدا لن تفرق بين المؤيدين والمعارضين فالكل لديها كفار مرتدون يجب ذبحهم، لذلك حان الوقت أن نخرج من مرحلة الهستيريا ونعيد ترتيب الأوراق من الداخل لننقذ البيت من الاحتراق، لن ننتصر فى المعركة ونحن لا نتحلى بالشفافية والمنهج العلمى والتخطيط الاستراتيجى وقراءة الأبعاد الاقليمية والدولية للمعركة، ولن ننتصر فى المعركة وبيننا من لا يستطيعون التمييز بين الوطنى والسياسى.

خريطة المنطقة العربية يتم رسمها من جديد وما يحدث بدون مبالغة هو حرب عالمية ثالثة غير معلنة سينتج عنها واقع جديد، لذلك علينا إدراك أن الشعوب باقية والحكام زائلون وأن حماية الدولة من انفراط عقدها هو واجب مقدس فالفوضى لا تصنع مستقبلا ولا يمكن الانطلاق منها للبناء.

إدعم جيشك على بصيرة، لا تطبل للسلطة ولا تردد ما تقوله أبواقها وعبر عن رأيك باحترام ورقى وموضوعية، كن على يقين أن بلدك فى حرب حقيقية لا مجال فيها للتراجع أو التردد، فكن جزءا من هذا الانتصار الذى لن يأتى بالنفاق والتطبيل ولكن بالموضوعية وصدق النصح وترتيب الأولويات.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات