الإعدام للشهداء والحبس لأهاليهم - وائل قنديل - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 12:11 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإعدام للشهداء والحبس لأهاليهم

نشر فى : الأربعاء 21 مارس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 21 مارس 2012 - 8:00 ص

ماذا تبقى من الثورة عندما يتم حبس أهالى شهداء الإسكندرية أثناء نظر قضية الضباط المتهمين بقتل الثوار بحجة أنهم أثاروا الشغب أثناء الجلسة؟

 

إن الواقعة التى تناولتها المواقع الإخبارية أمس تكشف إلى أى مدى بلغ الضيق والتبرم من هذه الثورة، ذلك أن قضية شهدائها ومصابيها كانت تمثل المحك الرئيسى للحكم على اقتناع الجالسين على مقاعد السلطة بأن مصر شهدت ثورة، سقط فيها شهداء بالمئات.

 

غير أن الوقائع كلها تشير بوضوح إلى أنهم يناصبونها العداء فعليا، وإن كانوا يمالئونها فى الخطب والتصريحات نظريا، ولا معنى لعدم تحمل انفعالات أهالى الشهداء وهتافهم وصراخهم ضد المتهمين بالقتل حين شاهدوا مناظر مقتل أبنائهم على أشرطة فيديو، إلا أن هناك حالة إنكار كاملة لمعانى الثورة، ومن ثم فالعقاب الشديد «الحبس ولو مؤقتا» هو ما يمكن أن تقدمه السلطات لهم جزاء لدموعهم وآلامهم.

 

ومن الاسكندرية إلى حدائق القبة يصدر الحكم على ضباط مدانين بقتل الثوار بالحبس لمدة عام واحد فقط، ومع الاستئناف واستنفاد جميع مراحل التقاضى ربما يخرجون من القضية بلا عقوبات، أو الحبس شهورا على أقصى تقدير.

 

والحاصل أن ما جرى طوال العام الماضى كان عملية اغتيال أخرى للشهداء، حين تركت أوراق القضية للعبث و«التستيف» وإخفاء أدلة الثبوت، واصطياد أهالى الضحايا بفتاوى الدية وإرهاب التعويضات المالية، وسط حالة صمت متواطئ من الجميع على جريمة أخلاقية ترتكب فى وضح النهار.

 

لكن المدهش فى كل ذلك أن المجلس العسكرى والحكومة اعتبرا ضحايا الثورة شهداء، على المستوى المادى، فأقيمت لهم جنازة شهداء، وسجلت أسماؤهم كشهداء، وأقرت لذويهم المعاشات والتعويضات، وسيرت رحلات الحج لهم، وانعقدت الحفلات، بينما على المستوى المعنوى عوملوا وكأنهم قتلوا فى حوادث سير أو انهيار عمارات، والأخطر أنهم قتلى بلا قتلة، حيث انهمر سيل البراءات على المتهمين، ومن لم يبرأ منهم حصل على أحكام مخففة لا ترقى حتى لمستوى عقوبة جريمة سرقة حبل غسيل.

 

ويبقى أن مثل هذا السلوك المهين فى التعامل مع قضية الشهداء والمصابين من شأنه أن يملأ قنوات الغضب والاحتقان العام مرة أخرى، وعلى نحو أسرع وأخطر مما يتوهمه أولئك الذين استكانوا إلى أنهم أتموا عملية قتل الثورة فى وجدان المصريين على أكمل وجه.

 

ويخطئ من يستخفون بشعارات دوت ولا تزال تدوى فى الصدور المعتملة بالغضب من نوعية «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم» لأن شعبا ثار وانتفض من أجل كرامته الإنسانية لن يسكت طويلا وهو يرى قيمة القصاص تركل بالأقدام وتداس بالأحذية.

وائل قنديل كاتب صحفي