جريمة أمريكا المستمرة فى العراق - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 2:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جريمة أمريكا المستمرة فى العراق

نشر فى : الجمعة 20 يونيو 2014 - 5:15 ص | آخر تحديث : الجمعة 20 يونيو 2014 - 5:15 ص

ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى كتب ــ على ذمة جريدة الوفد فى صفحتها الثانية يوم الأربعاء الماضى ــ يقول ان الحل الوحيد للأزمة فى العراق وسوريا هو التقسيم الطائفى.

قال هاس، الذى تول مناصب مهمة أبرزها إدارة التخطيط فى الخارجية الأمريكية، ان العراق سوف يتم تقسيمه إلى ثلاث دويلات كردية فى الشمال وشيعية فى الجنوب «تحت رحمة ايران»،وسنية فى الغرب تحت رحمة المتشددين خصوصا من داعش.

فى كلام هاس اعتراف أيضا بأن الغزو الأمريكى لبلاده فشل وقاد إلى الحالة المأساوية الراهنة.

إدارة جورج بوش الابن ومعها تابعها البريطانى تونى بلير ارتكبت جريمة مروعة بحق العراق حين غزته فى 19 مارس 2003، ولا تريد واشنطن ان تعترف بجريمتها حتى الآن، رغم رحيل الجمهوريين ومجىء الديمقراطيين.

هى الآن تفكر فى مساعدة الحكومة الطائفية البغيضة لنورى المالكى بدلا من النظر إلى جوهر المشكلة الحقيقى وهو الكارثة الناتجة عن الغزو.

طبعا العراق قبل الغزو لم يكن جنة الله فى الارض، بل كان يعانى من ديكتاتورية صدام حسين، ومن حصار أمريكى رهيب منذ عام 1990 حينما تهور صدام وارتكب خطاه القاتل بغزو الكويت فى أغسطس من نفس العام.

بعض العراقيين والعرب شكر أمريكا لأنها خلصتهم من نظام صدام، ولكن بدلا من مساعدتهم على إقامة دولة عادلة لكل مواطنيها، كان أول وأخطر قراراتها حل الجيش العراقى، الأمر الذى أعطى دلالة واضحة بأن الهدف الأمريكى الحقيقى كان تدمير العراق بصورة كاملة وليس إصلاح ما أفسده صدام.

كثيرون يقولون ان صدام كان بطلا وكان قوميا ــ ربما كان كذلك فى عيونهم ــ لكنه الوحيد المسئول عن جريمة الغزو، لأنه لو لم يتهور ويدخل الكويت، ولو أقام حدا أدنى من العدالة والتنمية والحريات فى بلاده ما تجرأت أمريكا على غزو بلاده مستغلة تواطؤ العديد من النخب السياسية السنية والشيعية والكردية، إضافة إلى الدور الإيرانى المشبوه الذى كان يلقب أمريكا بـ«الشيطان الأكبر» نهارا فى أجهزة الإعلام، وينام فى أحضانها ليلا فى العراق.

ما كان يمكن لأمريكا أو إيران تدمير العراق لولا ان السوس كان ينخر فيه من الداخل، وما كانت المأساة السورية لتحدث لولا دموية نظام بشار الأسد. جزء من المعارضة السورية أو العراقية مشبوهة وممولة وعميلة، لكن النظام هنا أو هناك هو المسئول الأول عما حدث بسبب طائفيته وظلمه وبطشه.

أمريكا ارتكب الجريمة والآن تقول لنا علنا أو تلمح سرا انه لا حل إلا بالتقسيم على أساس طائفى.. فماذا نحن فاعلون؟!. لسوء الحظ تبدو كل الخيارات صعبة ومريرة وسوداوية إلا إذا حدثت معجزة وأدرك النظامان فى سوريا والعراق ان التجبر والإقصاء والطائفية لن تقود إلى شىء وسوف يسقط النظامان ان آجلا أو عاجلا.

لكن وإلى أن يحدث ذلك فلا يوجد أمامنا مفر سوى استمرار التنبيه للجميع بأن تأجيج الصراع فى المنطقة بأكملها على أساس سنة وشيعة لن يستفيد منه إلا أعداء الأمة.

هذا الصراع موجود منذ بدايات الإسلام، ولن تتمكن طائفة من محو الأخرى، وبالتالى علينا البحث عن أسس جديدة للتعايش أهمها قبول الآخر.

لو ان هناك حدا ادنى من العدل لكان بوش وبلير وبقية عصابة المحافظين الجدد فى امريكا واسرائيل يقضون فترة عقوبتهم فى السجون بتهمة تدمير العراق وقتل مئات الآلاف من العرب والمسلمين.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي