25 يناير.. ثورة أم..؟ - ماجد عثمان - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

25 يناير.. ثورة أم..؟

نشر فى : الأربعاء 21 يناير 2015 - 8:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 21 يناير 2015 - 8:05 ص

أظن أن إحدى الحقائق التى لا تخطئها العين أن مصر هى بلد الفرص الضائعة، ويمكننا أن نرى ذلك بوضوح على كل المستويات. نرى ذلك بوضوح عندما نزور أهم أثر فى العالم وهو الأهرامات، ونشعر بالألم والخجل وربما المهانة عندما نسمع روايات من نعرفهم من الأجانب عندما يتحدثون عن تجربتهم المريرة فى زيارة منطقة الأهرامات. والأهرامات هى مثال واحد يمكننا أن نجد مثله مئات الأمثلة إذا ما نظرنا نظرة شاملة لحياتنا. ولا يستثنى من ذلك فترة ما بعد 25 يناير.

•••

أتذكر أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائى نظم بالتعاون مع الحكومة المصرية مؤتمرا فى يونيو 2011 تحت عنوان المنتدى الدولى حول مسارات التحول الديمقراطى، وتم دعوة العديد من الشخصيات العالمية التى لعبت أدوارا مهمة فى التحول الديمقراطى فى بلادها. أحد المشاركين فى المؤتمر «ميشيل باشليت»، المناضلة الشيلية والتى تولت رئاسة بلادها من 2006 إلى 2010 ثم أعيد انتخابها فى 2014 لتصبح أول من يتولى رئاسة بلادها مرتين من خلال انتخابات حرة. كما شارك فى المؤتمر «بشار الدين حبيبى» الرئيس السابق لإندونسيا والذى تولى رئاسة بلاده فى المرحلة الانتقالية عقب سقوط نظام سوهارتو. وتضمنت قائمة المشاركين شخصيات قيادية تولت قيادة دفة التحول الديمقراطى فى جنوب إفريقيا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وألمانيا الشرقية، كما كانت هناك مشاركات على المستوى الوزارى من تونس والمغرب والأردن. المؤتمر والذى امتد على مدى يومين كان فى مجمله خارطة طريق تناولت تجارب ناجحة لدول مرت بمرحلة التحول الديمقراطى فى المجال الاقتصادى (شيلى) وفى مجال العدالة الانتقالية (جنوب إفريقيا) وفى مجال إعادة هيكلة قطاع الأمن (المانيا الشرقية) وفى مجال التوافق على عقد اجتماعى جديد وصياغة الدستور (البرازيل والمكسيك) وفى مجال إدارة تحول سلمى (إندونيسيا). كما تناول المؤتمر دروسا مستفادة حول تحديات مرحلة التحول الديمقراطى، وحول دور التحولات الاقتصادية فى القضاء على الفوارق الاقتصادية والاجتماعية، وحول فكرة العفو وإشكالياتها.

وقد قام الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء فى ذلك الوقت بافتتاح المؤتمر وشاركه فى الجلسة الافتتاحية مديرة البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة السيدة هيلين كلارك. وقد ساهمت ضمن آخرين فى تنظيم هذا المؤتمر من موقعى فى الحكومة فى ذلك الوقت، وحرصت على التفرغ الكامل لمدة يومى المؤتمر لحضور كل جلساته، والتى فتحت لى آفاقا واسعة من تجارب لدول نجحت فيما أخفقنا فيه. من المؤكد أن الخبرات التى تم عرضها لو تمت الاستفادة منها لكانت مصر قد تجاوزت انتكاسات وحقنت دماء وضمدت جراح وتجنبت انقسامات. وفى النهاية لكانت مصر قد اقتنصت فرصا ساهم الجميع بكل اجتهاد فى إضاعتها.

عندما أطالع الكتاب الذى صدر عن هذا المؤتمر أتذكر فداحة الخسارة التى تجعلنا نتعالى عن التعلم من تجارب الدول الأخرى بدعوى الخصوصية المصرية.

•••

والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة الآن، هل يكفى مرور 4 سنوات على 25 يناير للحكم عليها؟ ومتى نستطيع تقييمها التقييم الموضوعى؟ سؤال يتبادر إلى ذهنى عندما أتذكر أن ثورة 23 يوليو عندما قامت وصفها من قاموا بها بأنها «حركة مباركة» ولم يتم وصفها بالثورة إلا بعد فترة زمنية. وعلى العكس عندما أطاح الرئيس السادات بمراكز القوى فى مايو 1971 وصف ذلك على الفور بأنه «ثورة تصحيح». وبغض النظر عن اتفاقنا مع الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس أنور السادات إلا أن التاريخ لم يختلف على وصف 23 يوليو بأنها ثورة ولم يتفق على وصف 15 مايو بأنها ثورة. وهو ما يدعونا للتمهل فى إطلاق الأوصاف السلبية على ما جرى فى 25 يناير لاسيما فى كل ما يقال عنها من أنها مؤامرة خارجية.

ومع التسليم بأن حكم التاريخ على ثورة 25 يناير سيتأخر حتى تنجلى كثير من الحقائق ويُكشف عن كثير من المعلومات التى يحرص أطراف كثيرون على إخفائها تارة وتلوينها تارة أخرى، إلا أن هناك حقائق لا يمكن تجاهلها أفرزتها ثورة 25 يناير. هذه الحقائق شكلت واقع جديد لا يمكن تجاهله وفيما يلى بعض ملامح هذا الواقع:

• ارتفاع الاهتمام بالشأن العام بين المصريين بدرجة ملحوظة منذ يناير 2011 وتراجعت حالة عدم المبالاة والسلبية بشكل واضح.

• ازدياد درجة الحرص على ممارسة الحق فى المساءلة حيث أصبح ذلك إحدى السمات المهمة التى تميز المصريين، واختفت حالة الخنوع التى كانت تميز شرائح عريضة من المصريين.

• انتهت إلى غير رجعة أبدية الحاكم، وأصبح من غير المتصور أن يستجيب الشعب لمطالبة أصوات منافقة ببقاء أى حاكم إلى الأبد، ومن ثم أصبحت المساءلة سيف مسلط يكبح جماح الحاكم ويحقق مصلحة المحكوم ويحد من الفساد والاستبداد.

• أصبح الرأى العام المصرى شديد الديناميكية وهو ما يشكل تحد كبير أمام النخب السياسية التى أصبح عليها أن تدرك أن دوام الحال من المحال وأن الشعب المصرى وإن كان صبورا بطبعه إلا أن حدود هذا الصبر قد تتقلص بشكل مفاجئ مما يجعل الحكم امتحان دائم لا يخلو من المحن.

هذه الأمور الأربع هل تجعل من 25 يناير ثورة؟ البعض يكره أن يعطى هذا الشرف لـ 25 يناير، إما لأنه يرى فداحة ثمنها أو لأنه يرى أن إيجابيات المرحلة التى سبقتها تفوق سلبياتها. وبدون أى محاولة للانتقاص من أى طرف إلا أن الحرص على تشويه 25 يناير يجب ألا يطغى على مصلحة الوطن، ودعونا لا نكون مثل من يُشعل النار فى بيته حتى يُثبت للآخرين أن طفاية الحريق غير صالحة للاستخدام.

ماجد عثمان مدير المركز المصرى لبحوث الرأى العام (بصيرة)
التعليقات