حان وقت الإصلاح - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:56 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حان وقت الإصلاح

نشر فى : الخميس 21 يناير 2016 - 10:20 م | آخر تحديث : الخميس 21 يناير 2016 - 10:20 م
على الرغم من عدم وجود أى دعوات جدية للنزول والتظاهر فى الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير إلا أن الأيام الماضية شهدت موجات اعتقال لعدد من الشباب الفاعلين المحسوبين على الثورة، وتم لأول مرة توجيه اتهامات من نوعية (المشاركة فى ثورة يناير) كما فى حالة الطبيب طاهر مختار عضو لجنة الحقوق والحريات بنقابة الأطباء طبقا لمحاميه، وتم تفتيش عدد كبير من الشقق السكنية بمنطقة وسط البلد وأحياء القاهرة بشكل عام. حدث هذا بالتوازى مع حملة إعلامية مكثفة غلبت عليها الهستيريا تحذر من النزول وتتوعد من يفكر فى النزول بالقتل!. لا أحد يدرى ممن يحذر الإعلام؟ ولا كيف حولت وزارة الأوقاف منابر صلاة الجمعة إلى منصات سياسية تحذر من التظاهر وتنادى بطاعة ولى الأمر والانصياع لما يريده النظام بحثا عن الاستقرار والأمن.

الشباب الذين يخشى النظام من خروجهم ضده لا حماس لديهم الآن للتظاهر، وهم مقاطعون للمشهد السياسى بالكامل، ورغم رفضهم لممارسات السلطة وانتهاكاتها إلا أنهم صاروا يمتلكون قناعة أن المشهد الحالى مؤقت وسيتغير لاستحالة استمراره فى ظل هذا التخبط والعشوائية التى تحكم ممارساته التى تميزت بالإقصاء واستدعاء سياسات الماضى بل وتجاوزها لمساحات أشد قسوة وبؤسا.
لم ينجح نظام 3 يوليو فى استيعاب الشباب بل تميزت العلاقة بالاستعداء الذى لم يتوقف منذ صدور قانون التظاهر الذى كان سببا فى سجن أعداد كبيرة من الشباب من بينهم ناشطون بارزون بالإضافة لحملات الاعتقال العشوائية وتنامى ظاهرة الاختفاء القسرى التى يحاول النظام نفيها، وتزامن ذلك مع حملات إعلامية ممنهجة لتشويه ثورة يناير والاغتيال المعنوى لرموزها، مع حصار إعلامى كامل باستثناء مساحات صغيرة للكتابة لا تقارن بجمهور الفضائيات الذى تم فرض وجوه معينة موالية للسلطة عليه، واحتلت هذه الوجوه الشاشات لتسبح بحمد النظام وتروج لإنجازاته وتهاجم معارضيه والمختلفين معه.
كل يوم يمر يفقد يائسون جدد الأمل فى بزوغ مسار إصلاحى يستطيعون السير فيه ليحتوى طموحهم وأحلامهم لبلادهم، ويتزايد الاحتقان الذى لا يقابله محاولات لتخفيفه وإزالة أسبابه، بل يبدو أحيانا أن هناك تيار داخل السلطة يتعمد استفزاز الشباب وإثارة حنقهم ليقطع الطريق على أى محاولات لترميم التصدع والانهيار المستمر فى الثقة على مدى عامين ونصف.
نجح النظام فى تحويل العلاقة بينه وبين الشباب لعلاقة صفرية، إما أن يرضخ الشباب لرغبات النظام وينتظم فى صفوف الموالين وإلا عليه دفع الثمن الباهظ لتمسكه بأفكاره وآرائه، حين تتحول العلاقة بين أى دولة ( نظام سياسى ) وشبابها لعلاقة عداء فهذا ينذر بخطر بالغ لا يمكن التنبؤ بعواقبه ولا ضمان السيطرة على تداعياته المخيفة.
***
السؤال الذى يحتاج لإجابة من السلطة فى مصر: هل يمكن الاستمرار مع وجود كل هذا الفائض من الغضب والاحتقان والشعور باليأس والإحباط لدى ملايين الشباب فى مصر؟ هل منع التظاهر وتجريمه واعتقال الناشطين يضمن الاستقرار؟ هل التصعيد المتتالى ضد الشباب يصلح علاجا للأزمة الكبرى التى أسفرت عنها المعالجات الخاطئة؟ إن بذرة اليأس والإحباط وفقدان الأمل هى وقود الإرهاب، فما بالنا بملايين تم اجهاض حلمهم فى بناء حياة ديموقراطية تتسم بالحرية والكرامة الإنسانية التى عبرت عنها مطالب ثورة يناير؟
لن تعرف مصر طريقا للمستقبل وشبابها الذين يزيد عددهم على نصف السكان إما مطاردون أو معتقلون أو مقتولون أو مهمشون، لتكن الذكرى الخامسة لثورة يناير إيذانا بمراجعة شاملة للوضع الحالى فى مصر مع الوضع فى الاعتبار أن الثورات لا تندلع إلا حين يكون قيامها حتميا، ولا شىء يحتم حدوث الانفجار مثل إغلاق كل مسارات الإصلاح وزرع الإحباط مكان الأمل.
من يريد الخير للوطن فليتخل عن الغرور واستعراض القوة الزائفة وليفارق فلسفة العناد والتجاهل للواقع المخيف، يبدأ الطريق للخروج من الظلام الحالى بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وضحايا حرية الرأى والتعبير، ووقف الاعتقالات وإنهاء ظاهرة الاختفاء القسرى التى صارت حدثا متكررا يحرق قلوب المصريين، ووقف الانتهاكات الحقوقية المتزايدة مع وقف الحرب الإعلامية على ثورة يناير وتجريم الإساءة لها، وفتح الإعلام للمعارضين وإعادة الروح للحياة السياسية التى لم يزدها البرلمان الحالى إلا تشوها وبؤسا كان متوقعا فى ظل المعطيات والمقدمات التى أتت به؛ وجود شرائح كبيرة خارج دائرة التمثيل وعلى أطراف المشهد العام لا يوحى أبدا بإمكانية صناعة توافق وطنى يُخرج البلاد من أزمتها الحالية. إنهاء ملف الإخوان وفزاعاته صار أيضا أمرا ملحا سياسيا وقانونيا لتصفير الصراعات الكبرى فى ظل منظومة عدالة انتقالية حقيقية ومنصفة تنهى الشقاق المجتمعى الحاد الذى عصف بمصر.
***
يحتاج المشهد السياسى فى مصر إلى رؤية تتسم بالجرأة والشجاعة يتولد عنها قرارات جذرية تحمل رؤى إصلاحية لا تعاند الزمان وسنن التغيير، خرجت الجزائر من محنتها (العشرية السوداء) بقانون استعادة الوئام المدنى، وخرجت جنوب افريقيا من حربها الأهلية بلجنة (المصارحة والمصالحة) فبماذا ستخرج مصر من محنتها؟ المصالحة الكبرى يمهد لها الطريق مصالحات صغرى تزيل الاحتقان وتعزز الثقة، هل سينتصر دعاة الشقاق وأنصار الكراهية أم نخرج جميعا لأفاق المستقبل؟ رغم الإحباط فلنتحل بالأمل.

عضو مجلس شعب سابق
مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات