•• منذ ثلاثة عقود يعانى أسطورة الملاكمة محمد على «72 سنة» من مرض باريكنسون (الشلل الرعاش).. وهذا البطل جعل جيلنا يعشق رياضة الملاكمة.. كنا ننتظر مبارياته التى تُقام فجرا بتوقيت القاهرة لمتابعتها، ونستمتع بكلماته وبرقصاته فوق الحلبة، وكيف يدور مثل الفراشة ويلدغ خصمه كما النحلة. وهو كان يلعب بفن وبمهارة، وكان أسلوبه فريدا فى الملاكمة للغاية، إذ كان يواجه خصومه ويداه بجوار جسده ولا يرفعهما لحماية وجهه من قبضات الملاكمين، فيما استخدم القدمين فى حركات سريعة تسببت فى كثير من المباريات فى فقدان منافسيه لتركيزهم؟
•• اشتهر بتصريحاته الساخنة ورفضه الاشتراك فى حرب فيتنام، وكان احترف الملاكمة بعد فوزه بذهبية فى دورة روما الأوليمبية عام 1996، وفجر مفاجأة يوم هزم سونى ليستون وكان عمره لا يتعدى الـ22 سنة، وقد أعلن إسلامه بعدها، وكان اسمه «كاسيوس مارسيليوس كلاى»، وقال تعليقا على تغيير اسمه إلى محمد على أن الاسم السابق كان يمثل عصر العبودية، وكانت كاسيوس تعنى الطين، وهو ردد كثيرا أن الدستور الأمريكى يتحدث عن المساواة والعدل فى الحقوق لكننى وجدت أن هذا غير صحيح، لأن الدستور لم يمنح نفس الحقوق للأقليات، وكانت الولايات المتحدة فى بدايات القرن الماضى وفى الستينيات تشهد حركات ثورية قادها مارتن لوثر كينج، ومالكولم إكس وتأثر بهما محمد على، وجاب الولايات المختلفة داعيا لأفكارهما وللدين الإسلامى.. وفى ذاك الوقت حضر محمد على إلى مصر بدعوة من جريدة الأهرام التى نظمت له الزيارة.
•• نال البطل، على الرغم من مواقفه السياسية والاجتماعية، التكريم فى بلاده، والتقى به رؤساء الولايات المتحدة، وعلى المستوى العالمى حظى بكل ألوان التكريم، فأوقد الشعلة الأوليمبية فى دورة أتلانتا عام 1996 وتم تكريمه فى دورة لندن الأوليمبية عام 2012.
•• غاب محمد على عن حضور العرض الأول لفيلمه: «أنا محمد على»، الذى أخرجته كلارا ليونيس، وهو فيلم يروى سيرته الذاتية.
وقد تداولت وكالات الأنباء أخبارا سيئة عن صحته، وخرجت تصريحات من بعض أبناء محمد على تتحدث عن أنه غير قادر على الكلام، أنه يعيش فى عزلة تامة، وعن الرجاء بأن يصمد هذا العام. وفى الوقت نفسه سارع محمد على بنفى شائعات عن وفاته، وقالت ابنته ليلى محمد على إن أباها رجل قوى محب للحياة، ولكنه لم يعد محبا للأضواء كما كان الحال فى الشباب، وهو طوال عمره كان رجلا محبا للخير ومسالما، ولا يعرف الإحباط ولا اليأس.
•• لو كان هناك مائة استفتاء لاختيار أفضل مائة رياضى فى التاريخ سيكون محمد على فى صدر القائمة.. وهو بلا مبالغة كان ملاكما أسطورة.. والأسطورة تحيا حتى لو غادرت هذه الدنيا.. وقد توقفت كثيرا أمام مقولة لمحمد على عن مرضه «الشلل الرعاش».. حيث قال: «كنت أردد دائما أننى الأعظم، وأننى الأقوى.. لكن الله أصابنى بالمرض وهو ابتلاء كى أتعلم أنه الأعظم».