•• فى غرفة الملابس بين شوطى المباراة كانت معنويات لاعبى المنتخب مرتفعة، وترى فى الأعين هذا الإصرار على إضافة الهدف الثانى أو هذا الظن بالقدرة على إحراز الهدف الثانى، وكانت أجواء الغرفة مشحونة بالنصائح وبكلمات شد الأزر، وشد الحيل، والإشادات المتنوعة، لكن ألقيت جملة من الجمل المتنوعة، توضح كيف تفكر الكرة المصرية فى مثل تلك الحالات: «ياجماعة ميجيش فينا جون»..؟
•• فى وقت التقاط المنتخب أنفاسه من الشوط الأول من موقعة ملعب مصطفى بن جنات فى المنستير، كان التحذير من هدف يصيب مرمانا ونحن فى حالة تفوق.. وكنت أتصور أن تكون الجملة: «عايزين الجون الثانى، لازم نخلص المباراة بدرى. إضغطوا والعبوا بشراسة».. إلا أن ذلك لم يحدث. وإذا كان حدث فقد أفسدته النصيحة القديمة التقليدية البديهية فى مثل تلك الحالات: «ياجماعة ميجيش فينا جون»؟!
•• كان يوما دراميا بكل مافى الدراما من إثارة وتشويق وأمل وإحباط ونهايات ترسم فى الخيالات.. فالبداية مثل بدايات قصص الحب فى السينما.. هدية من السماء ومن جنوب أفريقيا التى تعادلت مع نيجيريا، لتصعد الكونغو برازفيل إلى المركز الثانى فى المجموعة الأولى، وتخرج نيجيريا، وتخسر المجموعة المنافسة على المركز الثالث، وهو بيت القصيد.. ليفتح باب الأمل لمنتخب مصر بتسجيل هدفين للتأهل للنهائيات.. وتتاح الفرص، وفى الشوط الأول بعدما تخلى منتخب تونس على أسلوبه فى الهجوم المضاد السريع والانكماش السريع للدفاع، وبدلا من ذلك ترك لنا مساحات نلعب أو نرتع فيها كما نشاء، ولكننا رتعنا ولم نلعب.. ولم نستغل أن تونس فى تونس لم تكن تونس، وأنها حين لعبت فى مصر كانت تونس.
•• أذكر أنه فى النصف الأول من القرن الماضى أيام زمن التنوير استخدمت الصحافة الكثير من الأقوال المأثورة، ومنها: «لا داعى للبكاء على اللبن المسكوب» وقد مضت قرابة المائة عام ومازال البعض يستخدم تلك المقولة، وهو يفعل ذلك مضطرا، لأن اللبن المسكوب فى ميادين وملاعب الكرة المصرية. أغرق اللعبة، فى تصفيات الأمم الأفريقية ثلاث مرات متتالية، ولم ندفع باب الأمل بقوة حين بدا لنا أنه يفتح، ولم نتعلم بعد الفارق بين هوجة الهجوم وبين شراسة الهجوم.. لم نعرف الفارق بين قوة الشخصية وعشوائية الشخصية.. وأقرب مثال لنا لمن يرغب دائما فى دليل: مانويل جوزيه الذى كان 75% من وزنه كمدرب فى الأهلى هو قوة الشخصية وبراعته فى إدارة النجوم بقدر براعته فى إدارة المباريات، وهو ما انعكس على الفريق أيامها، فكان إذا أصيب مرماه بهدف تشعر وأنت تتابع المباراة أنه سوف يسجل وسيفوز، بينما أحرز المنتخب هدفا ومكثنا نقف ونصرخ ونتوسل، ونبتهل إلى الله سبحانه وتعالى أن نضيف الثانى.. إلا أنه هناك فارق هائل بين الاتكال على الله وبين التواكل..
•• ها نحن مرة أخرى، ولا أذكر المرة الكام فى ملاعبنا، هانحن ندير نفس الأسطوانة التى تحمل أناشيد الهزيمة بنفس ألحانها وأصواتها.. حتى فى ذلك لانريد أن تُغيـَّر، ولانعرف لحنا ولانعزف لحنا مختلفا.. هل نحتاج إلى موسيقار عبقرى يدير لعبتنا؟!
•• لم نصل إلى غينيا لكننا وصلنا إلى المريخ.. لا حول ولا قوة إلا بالله.