نزهة الجنود الصباحية لاصطياد عصافير الثورة - وائل قنديل - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 2:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نزهة الجنود الصباحية لاصطياد عصافير الثورة

نشر فى : الأربعاء 21 ديسمبر 2011 - 8:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 21 ديسمبر 2011 - 8:55 ص

عندما يستيقظ الجنود على وجبة يومية من دماء المعتصمين، وبالأخص طلبة الجامعات، فإننا لا يمكن أن نتحدث هنا عن حالة دفاع عن النفس.. ولا يستقيم منطقيا أو أخلاقيا أن «نسأل الظروف» لأن القصد والاستهداف هنا واضحان.

 

إنهم يصطادون رءوس الثوار عند الفجر وكأنهم خارجون فى نزهة صيد، ينقضون عليهم من حيث لا يحتسبون، ويطبقون مقولة الإمام على رضى الله عنه التى يؤكد فيها أن «الموت نقاد، يقلب فى كفيه الجواهر فيختار منها الجياد» فيصطادون الأنبل والأصدق والأشرف والأكثر ثورية، بدءا من عالم الأزهر الشيخ عمادالدين عفت وطالب طب عين شمس علاء عبدالهادى، وطالب الإعلام أحمد منصور، والشاب الجميل رامى الشرقاوى والمهندس مهند سمير وطالب التربية الرياضية حسين كاريوكى، وصولا إلى من سقطوا شهداء فجر أمس الثلاثاء.

 

إنهم يصوبون بدقة شديدة على وجوه الميدان النضرة، ما يوضح بجلاء أنهم بصدد تصفية رموز الثورة وحذفها من قاموس الحياة، فعماد عفت هو شيخ الثورة، وعلاء عبدالهادى طبيبها، وأحمد منصور هو عدستها.. أما الشاب حسين كاريوكى، القادم من محافظة الشرقية منذ 25 يناير فهو بحق وردة من ورود هذه الثورة، وهو ثالث ثلاثة يعرفهم الميدان ويحفظ ملامحهم، آسر ابن الزميل الإعلامى حسين عبدالغنى الذى لم يكمل علاجه حتى الآن، والشاب أحمد فرعون، ثلاثتهم من ثوار الصفوف الأولى الذين يحمون المتظاهرين بأجسادهم، ويذودون عن الميدان بكل بسالة.

 

لقد نزل خبر استشهاد كاريوكى كالصاعقة على الموجودين فى الميدان ليلة الثلاثاء، وما أن علموا بأن جسده الطاهر يرقد فى مستشفى المعادى العسكرى، حتى انطلقت جموع من زملائه تبكيه وتلقى عليه نظرة أخيرة، ليعودوا بعدها إلى الميدان، يلملمون أشلاء شهداء جدد.

 

وحين تستمع إلى حكايات الشباب عن زميلهم الشهيد وبسالته تقفز إلى مخيلتك على الفور صورة جيفارا والثائرين العظام على مر التاريخ، الأمر الذى ينطق بأنها حرب حقيقية على الثورة، وليست مسألة دفاع عن النفس، إذ إن طائر القتل يبدأ فى التحليق مع ساعات الصباح الأولى، التى يخلد فيها المتظاهرون للراحة والتقاط الأنفاس.

 

إن رصاصهم لا يعرف الطريق إلى من يدعون أنهم بلطجية يوجدون فى الميدان، لكنه يعرف جيدا كيف يخترق رءوس المتظاهرين الحقيقيين ويمزق أجسادهم، وبعد ذلك يتحدثون عن «ظروف» و«دفاع عن النفس» و«ضبط نفس يحسدهم عليه الجميع».

 

إن ما يجرى عار سيبقى يطارد القتلة، والذين يجلسون فى بيوتهم يمثلون بجثث الشهداء بألسنة عمياء تصفهم بالبلطجية.. المجد للشهداء.

وائل قنديل كاتب صحفي