المخربون من الداخل - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 3:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المخربون من الداخل

نشر فى : الأربعاء 22 مارس 2017 - 10:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 22 مارس 2017 - 10:50 م
لو كنت مكان الرئاسة والحكومة وسائر أجهزتها لقلقت كثيرا من أى شخص يهتف «تحيا مصر عمال على بطال».

بالطبع فإن البعض يقولها بحسن نية حبا فى البلد أو تقليدا للرئيس، لكن هناك فئة فى بعض مواقع المسئولية تهتف بهذا الهتاف صباح مساء، وهى ألد الخصام.

الإرهابيون والمتطرفون خطر حقيقى يهدد الدولة المصرية، لكن ما هو أخطر منهم كثيرا، هو لوبى الفساد المتحالف مع منعدمى الكفاءة الذى ينخر فى أساسات هذه الدولة، من الداخل.

أسمع قصصا كل يوم تجعلنى متأكدا من أن هذا اللوبى هو أفضل ظهير للإرهاب والتطرف، لأن نهاية الإرهاب، تعنى انتهاء قيمة وسبب وجود هذا اللوبى الفاسد.

من السهل أن تكشف وتواجه وتحارب إرهابيا أو متطرفا لأنه مكشوف أصلا ويحاربك، ويحارب كل المجتمع، لكن ماذا تفعل مع نوعية من البشر تزايد على الجميع فى كل وقت، وتستخدم كلمة «الوطن» فى كل الجمل المفيدة وغير المفيدة؟!.

كيف ستخرج الحكومة من الأزمة الاقتصادية والمجتمعية الكبيرة، وبعض الكوادر التى تتولى قيادة مؤسسات كبرى، لا هم لها إلا المنصب والتربح والإفساد والتخريب بكل الطرق، مهما كانت خسارة المؤسسة وبالتالى البلد؟!

هذه النوعية، تملك مهارة النفاق والصراخ والزعيق طوال الوقت بحب الوطن، وفى اللحظة التى يتم ضبطها أو «قفشها» متلبسة بالفساد والإهمال والتقصير، تصرخ بأعلى صوت ضد من يسائلها أو يحاسبها: «إلحق إرهابى أو إخوان».

نغمة الإخوانى هى الوصفة السهلة لكثيرين كى يهربوا من الحقيقة.

بالطبع مع تفشى العنف والتطرف والإرهاب، يصبح ضبط هذه النوعية من المجرمين صعبا للغاية، لكن خطورة هؤلاء أنك تأتمنهم على وطن بأكمله والأخطر على تربية وتعليم وتهذيب الأجيال الشابة، وبعضهم يواصل طعن هذا الوطن فى ظهره صباح مساء وهو يهتف بأعلى صوته «تحيا مصر».

حينما تدخل على صفحة هؤلاء على التواصل الاجتماعى تندهش من كثرة «البوستات الوطنية». للوهلة الأولى تعتقد فعلا أنهم صادقون، وأنهم يحبون فعلا البلد، ويخافون عليها. لكن تكرار هذه النغمة تجعلك تشك فى صدق هذه المشاعر. وفى النهاية تتأكد أنهم أخطر فيروس يعيق تقدم هذا البلد.

للموضوعية فإن عددا كبيرا منهم لم يولد فاسدا أو منافقا، وأغلب الظن أنه عندما تم اختياره للمنصب كان صالحا ولائقا، لكن البيئة المحيطة وضعف النفس الأمارة بالسوء تجعله سهل الانحراف وقابلا للفساد.

فى الأيام الأخيرة نشطت الهيئات الرقابية خصوصا الرقابة الإدارية فى تعقب الفاسدين ومنهم رؤساء لجان المشتريات فى العديد من الهيئات والوزارات وحققت نجاحات حقيقية.

لكن بجانب هؤلاء اللصوص التقليديين يوجد نوع آخر أخطر منهم كثيرا. رؤساء مؤسسات كبرى لا يسرقون الأموال مباشرة ولا يتلقون رشاوى يمكن تصويرها بالصوت والصورة. هؤلاء يكفى أن يركنوا الكفاءات ويضعوا بدلا منهم الجهلة أو أنصاف الموهوبين، وبعدها يبتكرون العراقيل والمعوقات لتعطيل أى مشروع ناجح.

تخيل أى مكان عمل يكتشف الشباب فيه أن مديرهم منعدم الكفاءة وأفاق ونصاب، ولا يشغله نجاح مؤسسته، بل أن يظل جالسا فوق رأسها.

فى لحظات كثيرة أشعر بالإشفاق على الحكومة، لأن «النفوس الخربة» زادت بشكل كبير، ويحتاج الأمر أن تأتى بشرطى شريف لكى يراقب كل مسئول منحرف. التحدى الحقيقى أن تتأكد الحكومة وسائر الأجهزة الرقابية أن رؤساء المؤسسات والهيئات والشركات والجامعات على أعلى درجة من النزاهة والكفاءة، لأن فساد أى شخص من هؤلاء، يعنى أنهم سوف يحاربون أى شخص ذو كفاءة يعمل تحت يدهم.

القضية كبيرة، والموضوع صعب ومعقد، ولن يتم حله بين عشية وضحاها، لأن اكتشاف هذه النماذج المأساوية يحتاج وقتا، خصوصا أنهم يزايدون على الجميع فى الوطنية، فى حين أنهم أعداء الوطن الفعليين!

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي