محمود الكومى الذى أبكى الجميع - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:45 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محمود الكومى الذى أبكى الجميع

نشر فى : الجمعة 22 يوليه 2016 - 9:15 م | آخر تحديث : الجمعة 22 يوليه 2016 - 9:15 م
النقيب محمود الكومى ضابط شرطة متخصص فى المفرقعات. من طنطا ومتزوج ولديه ولد. والده صاحب شركة سياحية وخطيب فى بعض المساجد بالغربية.

فى ٩ يناير الماضى انفجرت عبوة ناسفة فى المدرعة التى كان يستقلها الكومى فى العريش. وأصيب إصابة بالغة، ثم سافر إلى لندن للعلاج فى ١٨ يناير الماضى وعاد قبل أسبوع واحد للقاهرة. والنتيجة انه فقد إحدى عينيه، وساقيه، وركب مكانهما ساقين صناعيتين.

فى صباح يوم الثلاثاء الماضى كنت أجلس فى منصة احتفالات اكاديمية الشرطة بتخريج دفعة جديدة من الضباط. شاءت الأقدار أن يكون مكانى خلف المكان الذى كان يجلس فيه النقيب الكومى ومعه زوجته.

عندما دخل الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى مكان الاحتفال، جاء خصيصا إلى النقيب وسلم عليه، وتحدث معه، وعندما انتهى العرض العسكرى المبدع لطلاب اكاديمية الشرطة، وبدأ تكريم الخريجين، تحدث النقيب ــ الذى ترقى إلى رتبة رائد ــ بطريقة مؤثرة عن إصابته وحبه لبلاده، جعلت غالبية من كانوا فى المكان يبكون بكاء حارا. وقبل أن يغادر رئيس الجمهورية المكان جاء اليه مرة أخرى وتحدث إليه وإلى زوجته، ثم قبله على رأسه، وهى الصورة التى حرصت معظم صحف الصباح على نشرها فى صفحاتها الأولى يوم الأربعاء الماضى.

تحدث الرجل بحرارة عن الاستعداد للتضحية من أجل مصر، وعن أنه «فقد عينيه لترى مصر النور وانه مستعد للتضحية بروحه، وفقد ساقيه من أجل أن تقف مصر قوية».

قد يرى البعض هذا الكلام عاطفيا، لكن فى النهاية فإن الرجل ضحى فعلا وليس قولا.

بالنسبة لى فإن محمود الكومى هو النموذج الذى ينبغى أن نعتز به ونكرمه ونعلمه لأولادنا باعتباره المثل الحقيقى لما نتمناه لرجل الشرطة، أى الذى يحمى ويضحى من اجل شعبه وبلده.

فى هذا المكان كتبت عشرات المرات منتقدا النماذج السلبية فى قطاع الشرطة، سواء أكانوا أفرادا أو جنودا أو ضباطا أو قادة فى الوزارة، واليوم يحق لنا أن نشيد ونحيى النموذج المشرف الذى يمثله الكومى وأمثاله.

بعد نهاية الاحتفال قال لى أحد كبار الضباط إن التقديرات لمصابى الشرطة منذ عام ٢٠١١ يصل إلى ٢٠ ألف شخص، بينهم قصص إنسانية مؤثرة.

بالطبع ضحايا العنف والإرهاب ليسوا قاصرين على الشرطة فقط أو حتى القوات المسلحة، بل هناك مدنيون كثيرون يدفعون الثمن، وبالتالى فإن كل من أصيب أو استشهد فى الحرب ضد العنف والإرهاب ينبغى أن يتم تكريمه والاحتفاء به بأفضل الصور الممكنة.
بل وعلينا اذا كنا موضوعيين ان يشمل العلاج والرعاية ايضا أى شخص من المواطنين الذين سقطوا ظلما على يد الشرطة أو أى من اجهزة الدولة فى أى مواجهات، وثبت انهم لم يكونوا ارهابيين أو يمارسون العنف ضد الدولة.

فى هذا اليوم رأينا نموذجين لأبناء شهيدين هما محمود محمد مرعى وملك عصام عبدالجواد هذان هما من ظهرا فى الأضواء لأن رئيس الجمهورية كرمهما فى يوم تخريج دفعة جديدة من كلية الشرطة.

المطلوب ان يتم العناية بالجميع وتكريمهم شخصا شخصا، وأن يشعروا بهذا التكريم فى كل لحظة، وان نحرص أكثر على أن تتم المساواة بين الجندى والضابط والغفير وابن الفقير مثل ابن الغنى، لانه عندما يصاب شخص أو يستشهد فإنه لا فارق فى هذه الحالة بين جندى وضابط، أو بين مدنى وعسكرى.

من المهم أن تصل رسالة إلى كل مصاب وأسرة كل شهيد أن الدولة بكل أجهزتها تضعهم فوق رأسها. وإذا كنا ننتقد بعض النماذج السلبية فى الشرطة، فعلينا أن نشيد دائما بالنماذج التى تضحى بأرواحها أو تصاب، أو حتى تبذل جهودا خارقة فى عملها، وتمارسه بكل تجرد وإنسانية ونزاهة.

وبما أن الحرب ضد الإرهاب يبدو أنها لن تنتهى قريبا للأسف، فقد وجب أن يتم الاعتناء بمصابى وأسر شهداء هذه الحرب فى إطار منظم ومحترم يعطى رسالة واضحة ان الدولة بأكملها تقف حتى النهاية مع هؤلاء الضحايا وأسرهم.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي