المتهمون بإشعال التوتر فى النوبة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المتهمون بإشعال التوتر فى النوبة

نشر فى : الأربعاء 23 نوفمبر 2016 - 8:35 م | آخر تحديث : الأربعاء 23 نوفمبر 2016 - 8:35 م

لماذا تتحرك الحكومة فى ملفات كثيرة بعد فوات الأوان، ولماذا تتخذ احيانا القرارات الصحيحة فى اللحظة الخطأ، مما يفقدها أى تأثير؟!

هذه الأسئلة تلح علينا، ونحن نتابع قضية اعتصام بعض أهالى منطقة النوبة على طريق أبوسمبل ــ أسوان السياحى عند الكيلو ٤٠ جنوب مدينة أسوان منذ بداية الأسبوع الجارى، احتجاجا على ما يعتقدون أنه بيع لأراضى النوبة القديمة على ضفاف بحيرة ناصر لغير النوبيين.

الحمد لله أن رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل تحرك أمس الأول وأصدر بيانا قال فيه إن الأولوية المطلقة لأهالى النوبة فى تملك هذه الأراضى، مما نزع الجزء الأكبر من فتيل اللغم الذى يمكن أن ينفجر فى أى لحظة.

السؤال الجوهرى: أين كل أجهزة الدولة المختلفة طوال الفترة الماضية، ولماذا لم تتحرك مسبقا كى لا تصل الأمور إلى ما وصلت إليه؟!. ولماذا صمتت هذه الأجهزة وجعلت الدولة تتحمل خسائر اقتصادية هائلة تمثلت فى وقف السياحة ورفع اسم أسوان مؤقتا من الخريطة السياحية، ووقف التنقل بين مصر والسودان بريا، وتلف العديد من الصادرات، وتعطل الكثير من مصالح الناس، بما فيها مرضى سودانيون كانوا قادمين للعلاج؟!.

قد يمكن تعويض الخسائر الاقتصادية، لكن الخسارة الحقيقية هى وصول المشكلة إلى هذه الدرجة، التى تجعلها قابلة للتكرار مستقبلا بصورة قد لا يتخيلها أحد.

تقول دوائر مقربة من الحكومة إن أيدى أجنبية تعبث فى الظلام، وتستغل هذه الأزمة فى توتير الأوضاع. سنفترض أن هذا الكلام صحيح، وبالتالى يصبح السؤال الجوهرى الذى يفترض أن نحاكم عليه كل من تسبب فى اشتعال الأزمة هو: ولماذا لم تتحركوا منذ البداية لتفوتوا الفرصة على المتربصين والمتآمرين والطابور الخامس الذى تتكلمون عنه كثيرا؟!.

الغريب والمريب والمحزن والمحبط، أن المشكلة ليست جديدة.. وهناك عوامل توتر كثيرة كامنة فى المنطقة، منها شعور بعض أهالى النوبة بالظلم التاريخى منذ تحويل مجرى النيل عام ١٩٦٤ لبناء السد العالى ما أدى إلى نقل بعض السكان من قراهم الأصلية، نهاية بإحساسهم أنهم مظلومون فى عملية التنمية.

النوبيون يعانون فعلا، لكن مثلهم مثل غالبية أهل الصعيد، وليس لأنهم نوبيون فقط، وفى ظل هذا المناخ نشأت بعض الآراء والحركات المتطرفة داخل المنطقة، تحاول تأجيج الأوضاع، والتحم معها وساندها بعض المنظمات فى الخارج بدعوى أنها قضية حقوق إنسان، ثم تطور الأمر والنظر اليها باعتبارها حقوق أقليات عرقية وصولا إلى مطالبات باستقلال وتقرير مصير، وجرى توزيع منشورات مشبوهة فى بعض محافظات الصعيد قبل شهور وليس فقط فى النوبة.

المفترض أن أجهزة الدولة تعلم كل ذلك، وتعلم أكثر بأن الوضع يتأزم كل فترة، وأن تأخير الوصول إلى حل يخدم المتطرفين واللاعبين على تحويل النوبة إلى شوكة فى خاصرة الوطن.

وبالتالى فإن أى عقل سليم ولديه أدنى حس بالسياسة والأمن القومى فى مفهومه الصحيح، كان ينبغى له أن يتحرك بسرعة قبل شهور طويلة لنزع كل هذه الألغام قبل أن تنفجر.

ليس مستبعدا أن هناك من يحاول خلق بقعة توتر جديدة على الحدود الجنوبية مثلما جرى خلق هذه البؤرة فى مثلث العريش ــ رفح ــ الشيخ زويد فى شمال سيناء.

مرة أخرى إذا كان هناك من يتآمر، فلماذا نساعده على إنجاح مؤامرته؟! لماذا لا يتم التحرك بسرعة لإنصاف المظلومين فى شمال سيناء والنوبة، وأى بقعة مماثلة أخرى قبل أن تتصاعد الأمور؟!.

لماذا لم يفكر القائمون على أمر مشروع المليون ونصف المليون فدان فى هذ الأمر من قبل، بدلا من النتيجة التى وصلنا إليها؟!
إلى متى سندفع أثمانا فادحة بسبب غياب الحد الأدنى من التفكير والتنسيق والتدبير والتخطيط والكفاءة؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي