صناعة الأمل - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأحد 10 أغسطس 2025 10:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

صناعة الأمل

نشر فى : السبت 24 يناير 2015 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 24 يناير 2015 - 8:00 ص

الاحتفال الحقيقى بذكرى ثورة ٢٥ يناير هو ان نصنع الامل لهذا الشعب او غالبيته على الاقل فيما يتعلق بالغد.

الاخوان يحاولون سرقة هذه المناسبة والسطو على يناير بأكمله رغم أنهم التحقوا بها متأخرين.

وبعض النشطاء ـ وليس كلهم للأمانة ـ يكررون نفس المحاولة مدعين انهم الوكلاء الوحيدون للثورة والناطقون حصريا باسمها.

قوة الشباب وجسارتهم واملهم فى الغد هى التى ابهرت العالم لمدة ١٨ يوما انتهت برحيل مبارك. هؤلاء كانوا نماذج متنوعة لغالبية الشباب ومعهم فئات اخرى كثيرة اضافة بالطبع إلى انحياز الجيش للشعب لأنه لولا هذا الموقف لربما كنا ذهبنا فعلا إلى اى نموذج من النماذج المأساوية المحيطة بنا فى المنطقة.

بطبيعة الحال سوف يستمر الجدل طويلا بشأن كل تفاصيل الثورة ومحطاتها الاساسية ومن الذى تسلق وخان ومن الذى كان بريئا ومن الذى اخطأ بحسن نية ومن الذى تآمر.

وحتى لا نغرق فى هذا الجدل ونحن نحتفل بالذكرى الرابعة للثورة فدعونا نركز على المستقبل ونقول لكل من يهمه الامر إن جوهر وقلب هذه الثورة هو جموع الشباب الذى خرج وشارك فى الثورة وأنجحها أو تضامن مع أهدافها ومطالبها الرئيسية فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.

إن آجلا أو عاجلا سوف يتوارى بقايا نظام حسنى مبارك وكذلك الإخوان لأنهما معا ضد المستقبل.

الذين سيبقون هم الشباب وبالتالى فان قضاياهم وهمومهم ومشاكلهم وكل ما يتعلق بمستقبلهم ينبغى ان يشغل كل تفكيرنا أو غالبيته على الاقل وليس الغرق فى قضايا الماضى بكل تفاصيلها الجدلية.

الذى يهم غالبية الشباب ــ ومعظمه لم ينضم للإخوان أو أى حزب آخر ــ هو ان يرى املا فى المستقبل.

هذا الامل لن يتحقق بالخطب او العبارات البليغة او حتى النوايا الصادقة. يتحقق فقط بواقع مجسد على الارض. عندما يتخرج الشاب فى الجامعة ويدرك انه سيجد عملا حتى فى خلال خمس سنوات وشقة ولو بعد عشر سنوات من تخرجه سوف يزيد انتماؤه للوطن. عندما يدرك اى مواطن انه سيجد مدرسة تعلم اولاده تعليما معقولا ومستشفى به الحد الادنى من الرعاية والاهتمام لن يلتفت إلى الاخوان او الارهابيين او اى شخص او تنظيم يحاول الاضرار بمصلحة الوطن.

القضية ليست فقط مشروعات مادية صماء بل لابد ان يرافقها او ربما يسبقها ضرورة بناء الانسان وتحصين عقله بالتعليم الجيد والثقافة الرفيعة والآداب والفنون الراقية ومبادئ الدين الصحيح.

صناعة الامل ان تتحرك كل القوى والاحزاب والنقابات والمجتمع المدنى لمساعدة الحكومة فى مواجهة قضايا المستقبل ويتطلب ذلك بالضرورة ان تؤمن الحكومة بأهمية المجتمع المدنى والعمل الاهلى.

الكارثة الكبرى ان يترك المجتمع كل قضاياه الجوهرية فى رقبة اجهزة الامن. لو حدث ذلك فإننا سوف نستنسخ كل عصر مبارك.

دور الشرطة لابد ان ينحصر فى حفظ الامن العام وتطبيق القانون ولا ينبغى ان نترك الامن ليلعب دور الاحزاب العاجزة. اذا حدث ذلك فإن الأمن سوف يتحمل كل فاتورة الفشل لا قدر الله. بعد ٢٥ يناير قال كبار قادة الشرطة انهم لن يتورطوا مرة اخرى فى العمل السياسى وسوف يقتصر دورهم على الامن الجنائى لكن ذلك لم يتحقق حتى الان مع ملاحظة ان الشرطة والجيش يؤديان مهمة نبيلة وهى التصدى للإرهاب.

نعود إلى ما بدأنا به وهو ان افضل احتفال بذكرى ٢٥ يناير هو ان نحقق اهدافها بدلا من الانشغال بالنقاشات البيزنطية. صناعة الامل هى التى ستوقف انضمام اى شاب او اى مواطن إلى التنظيمات المتطرفة او الإرهابية.

عندما يقدم المجتمع اى بارقة امل للشباب بشأن الغد يكون قد اطلق الرصاصة الاولى والقاتلة إلى الارهاب والتطرف وفى المقابل فإن غياب الامل هو افضل داعم للإرهاب.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي