أهمية أن تكون حمارًا - وائل قنديل - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 7:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أهمية أن تكون حمارًا

نشر فى : الثلاثاء 24 أغسطس 2010 - 10:13 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 24 أغسطس 2010 - 10:13 ص

 أكاد أشم رائحة بهجة تنبعث من معسكر محاربة التوسع فى زراعة القمح فى مصر للوصول إلى الاكتفاء ذاتيا منه، فبعيدا عن أن أحدا من الوزراء المعنيين بالأزمة لم ينطق بكلمة واحدة فى اتجاه حل المشكلة ذاتيا بالزراعة، فإنهم لا يخفون سعادتهم بالحظر الروسى ومن ثم عودة الهيمنة الأمريكية على خبز المصريين.

كل التصريحات تدفع فى اتجاه العودة إلى القمح الأمريكى، وتتفنن فى بيان مثالب الاعتماد على المصدر الروسى، وكأنهم يدندنون مثل نجاة الصغيرة «ما أحلى الرجوع إليه».

غير أن أعجب ما تطالع فى هذه الأزمة هو ما يروجه وزير الزراعة أمين أباظة بإلحاح من أنه لا يمكن التوسع فى زراعة القمح لأن معنى ذلك أنه سيكون على حساب زراعة البرسيم التى يرفع الوزير بصددها شعار «لا مساس بمساحات البرسيم» على اعتبار أنها أساسية وضرورية لتربية السادة الحمير وبقية أعضاء الثروة الحيوانية.. باختصار يمكن أن نضحى بمطالب واحتياجات أكثر من ثمانين مليونا من بنى آدم المصريين لكن لا يمكن الاقتراب من حصة بضعة ملايين من الحمير والحيوانات.

وليت وزير الزراعة يسأل صديقه ورفيقه وشريكه فى أحلام اقتصاد السوق وتقليص حجم تدخل الدولة فى إدارة حياة المجتمع الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة عن مسيرة والده الرجل العظيم الدكتور مصطفى الجبلى عندما كان وزيرا للزراعة فى بدايات السبعينيات من القرن الماضى، حينما كان الجدل ذاته مشتعلا حول التوسع فى زراعة القمح، وثنائية الحمير والبشر، ويروى وزير الزراعة السابق أحمد الليثى وهو أحد تلاميذ الجبلى (الكبير وليس الصغير) أنه وقف ضد أن تضحى الحكومة بمصالح واحتياجات عشرات الملايين من البشر من أجل الحفاظ على مكتسبات مليونى حمار، ولأن دماغ الجبلى الكبير كانت حافلة بأفكار تهدف إلى الاكتفاء من القمح على حساب مساحات البرسيم فإنه لم يعمر طويلا كوزير للزراعة وخرج من الحكومة مع أول تغيير.

والقول بأن البرسيم مقدم على القمح باطل يراد به باطل مثل الكلام الذى رد به وزير الإسكان أحمد المغربى على تساؤل الرئيس حول التوسع فى زراعة القمح من أن ذلك سيستنزف كل حصة مصر من المياه، ذلك أن القاصى والدانى يعلم أن زراعة القمح لا تتطلب مياها كثيرة، وربما لا تحتاج أكثر مما يهدر من مياه عذبة على رى حدائق قصور وفيلات الكبار فى كانتونات أثرياء البلد.

وليس أكثر عبثية من كلام أباظة والمغربى إلا ما جادت به قريحة نائب رئيس هيئة السلع التموينية فى حواره الممتد على مساحة فدان كلام للزميلة أميمة كمال فى «الشروق» أمس الأول حين اعتبر أن الإعلان عن رصيد مصر من القمح يضر بأمنها القومى على أساس أن «القمح سلعة مسيسة مثل السلاح» ولو أعلن عن رصيده منه فكأنما يكشف لإسرائيل حقيقة الوضع داخل البلاد، هل سمعتم كلاما أطرف من هذا؟

وكأن إسرائيل لا تعرف عدد حبات القمح فى الصوامع وفى بطون الطير المحلق فى سماء مصر.

وقارن بين حالة الذعر من أن تعرف إسرائيل رصيدنا من القمح، وبين تفاخر قادة الكيان الصهيونى بتسريب وإعلان رصيدها من الرؤوس النووية!

ولا شك أنك توقفت مثلى أمام احتفال هيئة المعونة الأمريكية بالأخبار السعيدة عن توقف واردات مصر من القمح الروسى، باعتبار ذلك يعطى الفرصة الذهبية لواشنطن كى تعيد اقتحام مصر ببوارج القمح.
ولا بد أنك أيضا تتساءل ألا يوجد رجل رشيد فى هذا البلد يتبنى سياسة زراعة أرض مصر بالقمح كى يكفيها مذلة

سؤال اللئام؟

لدينا رشيد فأين الرجل؟

وائل قنديل كاتب صحفي