السيسى والإيكونوميست.. والترشح للرئاسة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السيسى والإيكونوميست.. والترشح للرئاسة

نشر فى : الأربعاء 24 أغسطس 2016 - 9:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 24 أغسطس 2016 - 9:20 م
المعركة على رئاسة مصر بعد عامين، بدأت بقوة واشتعلت، والمؤكد أنها لن تهدأ حتى يتم حسم الأمر فى صناديق الانتخاب أو كواليس السياسة.

مجلة الإيكونوميست البريطانية الشهيرة أطلقت قبل ثلاثة أسابيع الدعوة بصورة سافرة لعدم ترشح الرئيس عبدالفتاح السيسى لفترة رئاسية ثانية، بحجة أن ذلك سيصب فى مصلحة مصر، واقتصادها.

الملف الذى أعدته الإيكونوميست كان شاملا واحتوى على الكثير من البيانات والأفكار التى تعبر عن واقع يعيشه المصريون بالفعل. لكن المجلة تجاوزت الحديث عن الجانب الاقتصادى الذى يمكن الجدل بشأنه، ودخلت فى «خناقة سياسية» حينما دعت الغرب لعدم تسليح مصر، وإلى عدم ترشح السيسى لفترة رئاسية ثانية، وهو أمر يفترض أنه يخص الشعب المصرى الذى يقرر ذلك عبر صناديق الانتخاب.

بعد حديث الإيكونوميست قرأنا كلاما مشابها فى «بلومبرج»، وقبلها وبعدها نغمة لا تتوقف فى الواشنطن بوست والنيويورك تايمز وأحيانا «الفاينينشيال تايمز».

تقديرى الشخصى أن من حق أى وسيلة إعلام أن تعالج القضايا المختلفة كما تشاء، وتقديرى الأكيد أن حكاية الموضوعية أو الحياد ليست موجودة على ظهر الأرض، لا فى أمريكا أو زيمبابوى وبينهما مصر، الفارق فقط فى الدرجة والحرفية.

أما القول بأن هذه الصحف والمجلات العالمية تكتب وجهة نظرها الآن لأن الأحوال الاقتصادية فى مصر صارت صعبة جدا وغير محتملة، فهو أمر مردود عليه، بأن الأحوال فى مصر لم تكن كذلك قبل عامين، ورغم ذلك فإن افتتاحيات هذه الصحف لم تتغير فى درجة انتقادها للسيسى ومجمل نظامه.

لا أحب كلمة مؤامرة، ولا أراها صالحة لتفسير كل الأحداث.. هناك مصالح ضخمة وصراعات سياسية فى كل مكان بالعالم، لكن المؤكد أيضا أن هناك تيارا فى الغرب يعارض الرئيس السيسى منذ تزعم إخراج الإخوان من السلطة.. هذا التيار له رديف وظهير أو معادل محلى لن يعجبه العجب، وسيظل يهاجم وينتقد السيسى فى كل شىء تقريبا، مهما فعل، مرة بموضوعية وأخرى بسوء نية، هذا التيار المعارض، يرى كل شىء سوداويا، يبحث عن الخطأ بإبرة أو ملقاط، ولا يركز إلا على «الإفيهات»، أو كلمة هنا أو هناك يبنى عليها برجا من التحليلات والنتائج.

وللموضوعية فإن تطرف هذا التيار يقابله تطرف تيار فى مصر يرى الأمور «زى الفل وآخر حلاوة ومفيش أحسن من كده»، وهى ليست كذلك بالمرة، وهذا التيار «المتجاوز فى التأييد والتطبيل» هو أخطر على السيسى والحكومة والبلد بأكمله من كل المعارضين فى الداخل والخارج.

إذ وبوضوح الفكرة التى تقودها الإيكونوميست هى تعبير عن موقف سياسى فى الغرب اكثر منه موقف صحفى موضوعى، يلقى دعما من المعارضين فى الداخل وبالتأكيد من جماعة الإخوان، لكن الجديد أن هناك تكهنات وتسريبات غير مؤكدة بأن بعض الاصوات فى الخليج بدأت تؤيد هذا الاتجاه. هذا الموقف المعارض إجمالا لا يتعلق فقط بالاقتصاد وإدارته وأزماته، بل أولا وأخيرا بعدم الرضا عن السيسى لأنه تحدى بعض القوى الغربية فى ٣٠ يونيو أو لعدم الاستماع إلى «النصائح» فى الفترة الأخيرة.

قد يسأل البعض، وما الجديد فى كل ما سبق؟. الأمر باختصار أن الرئيس السيسى دخل على الخط بوضوح حينما رد على سؤال الزملاء والأصدقاء ياسر رزق ومحمد عبدالهادى علام وفهمى عنبة، فى الحوار المطول الأخير فى الأخبار والأهرام والجمهورية بقوله: «إنه قد يترشح لفترة رئاسية ثانية إذا كانت تلك هى إرادة الشعب».

هذه الإجابة ربما تقطع الطريق على التيار الذى اعتبر أن افتتاحية الإيكونوميست وأخواتها هى رصاصة البداية فى معركة طويلة، لإبعاد السيسى عن الترشح.

فى تقديرى المتواضع فإن المسألة أولا وأخيرا موجودة وستظل داخل مصر وستحسم هنا وليس فى أى مكان آخر. ترشح الرئيس من عدمه وفرص فوزه متوقفة على ما يفعله على أرض الواقع.. كيف سيطبق هو وحكومته برنامج الإصلاح الاقتصادى. وكيف سيدافع عن الطبقات الفقيرة والمتوسطة ويصلح التعليم والصحة، لو فعل ذلك، فلا قيمة لكل افتتاحيات الصحف والمجلات العالمية بل إعلام المجرة بأكملها!
عماد الدين حسين  كاتب صحفي