سيادة الخبير الاستراتيجى - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 10:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سيادة الخبير الاستراتيجى

نشر فى : الإثنين 24 أكتوبر 2011 - 9:10 ص | آخر تحديث : الإثنين 24 أكتوبر 2011 - 9:10 ص

كان من المفترض أن تظهر هذه السطور كمقدمة للمقال المهم الذى نشر هنا على مدار يومين للمحلل الاستراتيجى لواء أركان حرب متقاعد عبدالحميد عمران غير أن «أشياء» حالت دون هذا التقديم، الذى كان ضروريا لرجل يمتلك رؤية وخطابا محترما، والأهم أنه لا يطلق على نفسه لقب «الخبير الاستراتيجى».

 

وقد عرفنا نوعا من المتقاعدين الذين يطلون علينا متقمصين شخصيات خبراء استراتيجيين، ينهالون على الثوار عبر الفضائيات باتهامات بالتخوين والعمالة والتخريب، ويلاحقون الإعلاميين الشرفاء بشتائم وتشنجات على الهواء مباشرة، لا يتصور أبدا أن تصدر من أناس فى مثل عمرهم.

 

وقد انتشرت ظاهرة «الخبير الاستراتيجى» بعد الثورة على نحو يجعل علم الاستراتيجيات يبكى ألما مما لحق به على يد هؤلاء الذين يمتلكون خطابا يجعل مشاهدة التلفزيون وصلة تعذيب، تترك ندوبا فى ذهنية المتلقى لا تزول بسهولة، ولهؤلاء وقائع شهيرة وحوادث إعلامية أشهر أدخلت المجلس العسكرى فى صدامات مع شباب الثورة، وأطاحت بإعلاميين مرموقين من مواقعهم، أبرزهم الزميلة دينا عبد الرحمن سيدة برامج الصباح فى الفضائيات المصرية، والتى تم تهجيرها قسرا من موطنها المتميز بعد مداخلة عنيفة من أحد المتقاعدين.

 

والغريب أن هؤلاء الأفاضل الذين يفترض أنهم خبراء واستراتيجيون حين يتحدثون تشعر أن الكلمات تخرج من أفواههم وكأن مدفعا رشاشا يصب طلقاته بشكل عشوائى على الجميع وكأنهم يقودون شاحنة بلا فرامل تدهس كل مخالفيهم دون أن يوقفها أحد أو يسأل عن رخصتها.

 

وأطرف ما قرأت فى وصف حالة الخبير الاستراتيجى التى اندلعت فجأة ما كتبه الرائع جلال عامر قبل شهور وأذاع سرا من أسرار طفولته حين قال إن أسرته كانت تريد له أن يعمل خبيرا استراتيجيا بعد أن حصل على الابتدائية إلا أنه تمرد على الأسرة وقرر أن يكمل تعليمه.

 

وأزعم أن جانبا كبيرا من أسباب تآكل مساحات الود بين شباب الثورة والمجلس العسكرى ناتج عن طلعات هؤلاء الخبراء الاستراتيجيين الفضائية، والتى يتحدثون فيها بطريقة توحى بأنهم لسان حال المجلس، فتكون المحصلة صدامات متتالية بينه وبين قوى الثورة.

 

وإذا كان البعض ينتظر من المجلس العسكرى الإسراع بتسليم السلطة فى البلاد إلى إدارة مدنية منتخبة، والعودة إلى ثكناته والتفرغ لمهمته الجليلة فى حماية حدود هذا الوطن، واختفاء المدرعات والمصفحات من الشوارع، فإن الأمل فى الله كبير أن يسحب المجلس الكثير من هؤلاء الخبراء الاستراتيجيين من القنوات الفضائية، بالتزامن مع سحب المدرعات من الشوارع والميادين.

 

غير أن الموضوعية تقتضى القول إن هناك من الخبراء العسكريين المتقاعدين من يمتلك رؤية سياسية شديدة الاحترام، وخطابا إعلاميا راقيا ورصينا، منهم العميد صفوت الزيات صاحب العقل الاستراتيجى المنظم واللغة البسيطة المقنعة، وأيضا هذا الرجل الذى تركت له هذه المساحة لمدة يومين وهو اللواء أركان حرب الدكتور عبدالحميد عمران والذى أسعدنى زمانى بلقاء تليفزيونى معه فى صحبة الزميلة ريم ماجد، وشرفنى بمقال طويل يوجه فيه رسالة شديدة الأهمية للثوار أزعم أنها مفيدة لهم ولمصر.

وائل قنديل كاتب صحفي