الأخطار التى تهدِّد السعودية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأخطار التى تهدِّد السعودية

نشر فى : الأحد 25 يناير 2015 - 8:10 ص | آخر تحديث : الأحد 25 يناير 2015 - 8:10 ص

استقرار الأوضاع فى السعودية، والانتقال السلس للسلطة بعد رحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز يصبُّ فى صالح الأمن القومى المصرى والعربى.

السعودية ربما تعيش أحد أصعب أوقاتها استراتيجيا؛ حيث تحيطها الأخطار من كل جانب، وهى الأخطار التى تحاصر مصر وغالبية المنطقة العربية تقريبا. بحريـًا تواجهها إيران فى الضفة الشرقية من الخليج العربى، طهران لا تخفى نواياها فى السيطرة على المنطقة وتتدخل فى البحرين. حدودها البرية متشعبة وملتهبة.

فى العراق هناك أكثر من خطر يهدد السعودية، الحكومة مدعومة من إيران وأقصت السنة تماما من معادلة السلطة، والأمل معقود أن تعدل حكومة حيدر البغدادى السياسة الكارثية التى انتهجها سلفه نورى المالكى. هذه السياسة الطائفية كانت أحد أهم الأسباب التى أنتجت داعش وتفريعاتها.

فى سوريا هناك حرب أهلية مستعرة منذ فبراير 2011، السعودية ألقت بثقلها خلف القوى التى حاولت إسقاط بشار الأسد، لكن الرياح هبت بما لا تشتهى الرياض؛ حيث تمكَّن الأسد من قلب الطاولة على الجميع، أنهك المعارضة المدنية وأخرج من «الجراب» عفريت داعش والنصرة وسائر العفاريت الصغيرة.. والنتيجة أن المنطقة صارت مجبرة على الاختيار بين داعش أو الأسد.

فى اليمن تشاء الأقدار أن يرحل الملك فى اللحظة التى احتلت فيه الميليشيات الحوثية الشيعية قصر الرئاسة فى صنعاء، وصارت تسيطر على معظم أراضى اليمن وجهات صنع القرار فيه، وهى الضربة الأشد للأمن القومى السعودى خصوصا والعربى عموما.

التصورات المتسارعة فى المنطقة منذ شهور تقول إن إيران طوقت السعودية وكل منطقة الخليج العربى من كل الجهات تقريبا.. إيران موجودة فى اليمن عبر الحوثيين وفى العراق منذ سنوات طويلة وصارت اللاعب الأهم هناك، وقواتها تقاتل مع بشار الأسد ضد المعارضة، وحزب الله لا يزال اللاعب الأبرز فى لبنان، ومتهم بأنه قتل رفيق الحريرى رجل السعودية الوفى، وحتى فى غزة السنية هناك حماس ذات العلاقات الجيدة مع إيران والعلاقات المتوترة مع الرياض على خلفية الصدام السعودى الإخوانى.

إيران صار لها نفوذ كبير أيضا فى السودان، والمعنى أنها تحاصر منطقة الخليج من كل جانب.

الأخطار لم تنته بعد فالخطر الحقيقى هو خطر داعش داخل السعودية نفسها، إضافة إلى الطائفة الشيعية الموجودة فى المنطقة الشرقية ذات الثروة النفطية.

هذا غير تحديات متنوعة معظمها اجتماعى ويتمثل فى التواصل بين الشباب الجديد وتكنولوجيا العصر، وصوت المرأة الذى بدأ يعلو مطالبا بالحد الأدنى من حقوقه مثل قيادة السيارات.

وحتى اقتصاديا فقد خسرت السعودية نصف عائداتها النفطية بسبب انهيار أسعار البترول إلى 48 دولارا للبرميل مقارنة بمائة دولار قبل حوالى عام.

لكن الخطر الأكبر الذى يخيم على سماء السعودية والخليج وكل المنطقة العربية هو أن يقوم باراك أوباما بإبرام اتفاق استراتيجى مع إيران ينتهى بتسليم طهران مفاتيح المنطقة فى استعادة للمشهد الأمريكى الإيرانى قبل انهيار الشاه محمد رضا بهلوى.

كل هذه الأخطار تحتم على العرب ــ أو ما بقى منهم ــ أن يتصدوا لها لأنها صارت فعلا تهدد وجودهم بالشكل الراهن.

وبالتالى فإن الاستقرار فى المملكة فى المرحلة المقبلة أمر حيوى للأمن القومى العربى، خصوصا أن أعداء العرب لا يخفون أطماعهم فى إعادة تفكيك منطقة الخليج والسعودية وإعادة بنائها على أسس أمريكية أو إيرانية.

وبطبيعة الحال، فإن الاستقرار الأكبر الذى ننشده للمنطقة بأكملها يتمثل فى مجتمع عربى يتعايش مع العصر وأدواته وضروراته وقيمه، خصوصا فى مجالات الحريات وحقوق الانسان والديمقراطية.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي